الإسراء والمعراج بين الرواية الإسلامية والأسطورة الزرادشتية
تتبارى المواقع الإسلامية عاماً بعد عام لاختلاق تشابهات بين الإيمان المسيحي وبين أديانٍ وثنيّةٍ سابقة.
قد اعتدتُ أن أبحث عند المسلمين في كل أمرٍ يستخدمونه للطعن بالمسيحية، ودائماً ما أجد أنهم يقذفون المسيحية بما هو موجودٌ عندهم، على مبدأ المثل “نتغدى فيهم قبل ما يتعشوا فينا”.
و سنكتشف اليوم لماذا يختلق المسلمون الأكاذيب على المسيحية، ومَن هُم بالحقيقة المشابهون حدَّ التطابقِ للأديانِ والعبادات الوثنية، سنعرف معاً أمراً مخفيّاً قد جرى التعتيم عليه، ويُمنع النقاش فيه، إنه التشابه حدَّ التطابق بين الدين الإسلامي والدين الزرادشتي الذي سبقه بحوالي 2000 عام. بدأتُ البحث انطلاقاً من حادثة الإسراء والمعراج، لأكتشف بعدها ما سأعرُضُه عليكم. يؤمن جميع المسلمين بأنَّ رسول الإسلام محمد في عام 621 ميلادي، ركب على ما يسمى “البُراق”، وهم بالطبع لا يعرفون ماهية البُراق بالتحديد، وكل ما يعرفونه أنَّه دابَّةٌ، ربما تكون حصاناً أو حماراً أو غيره من الدواب، إنه مُجنَّحٌ، ويعتبره المسلمون دابّة مقدسة مخصصة لنقل الأنبياء من مكان إلى آخر، ويعتقدون أن محمد قام برحلة ليلية من مكة في السعودية إلى “الأقصى” ويعتقدون أنه “المسجد الأقصى” في أورشليم (القدس)، وصلَّى هناك وقاد مجموعة من الأنبياء في الصلاة وفق الرواية الإسلامية، ثم صعد على البراق إِلى السماء السابعة، وقابل الله وأخذ منه تعليمات وأوامر وفروض للمسلمين، ومن ثم أعادته تلك الدابة إِلى مَكة مرَّة أُخرى.
وبالطبع كان ولايزال هناك شكوكٌ حول هذا الموضوع، حتى من قبل المسلمين أنفسهم، وذلك لأن وجود دابة مجنّحة هو من الأمور الأسطورية والخرافات القديمة التي لم ترد في أي كتاب سماوي إلهي من قبل، لا بالتوراة ولا بالإنجيل.
الأمر الآخر: حتى وإن ورد في الكتاب المقدس حوادث اختطاف إلى السماء، كما حدث مع النبي إيليا، لكن ذلك كان بوجود شاهد ألا وهو أليشع. كذلك صعد الرب يسوع المسيح إِلَى السماء على السحاب، وكان ذلك بوجود تلاميذه ورسله والمريمات وبشهادة العشرات من الناس.
بينما في حادثة محمد رسول الإسلام، لم يشهد عليها أحدٌ، ولم يرَه أو يرَ البُراق أي شخص على الإطلاق.
الأمر الثالث: وهو الأهم، والذي يعترف به بعض شيوخ المسلمين أيضاً، هو أنّه في زمن محمد لم يكن هناك ما يُسمى بالمسجد الأقصى في ما يسمونها اليوم ب “القدس”، حيث لم يكن في اسرائيل (فلسطين) مُسلمون ليبنوا المسجد الأقصى، وإنما الأقصى بمعنى الأبعد، وكونهم يؤمنون أنه عرج إلى الأبعد، يقولون أنه أسرى إِلَى أبعد مسجد، وذلك وفقاً لبحث الشيخ الإسلامي الأزهري مصطفى راشد، حيث قال: على زمن محمد لم يكن قد بُني المسجد الأقصى بعد، بل تم بناؤه في عهد الأمويين، وكلنا نعرف أنه في زمن المسيح كان لا يزال هيكل سليمان الثاني موجوداً وكان المسيح يذهب إليه، قبل أن يُشيد الأمويون على انقاضه ما أسموه بالأقصى، فالسؤال هنا: كيف يُصلي محمد في مسجدٍ لم يكن قد بُني بعد؟
عندما نسأل عموم شيوخ الإسلام أنه كيف يخاصمون اليهود على مسجدٍ لم يبنوه، بينما اليهود هم بالحقيقة من بنوا هيكل سليمان الثاني، يعجزون عن الردّ، حيث لايوجد أي مخطوطة تاريخية تثبت أن أحداً قد بناه -وفق ادعائهم- قبل ولادة محمد، ووصل بهم الأمر إلى القول ان الملائكة أو آدم ربما بنوه.
الأكثر أهمية في قصة الإسراء و المعراج هو أنها مأخوذة بحذافيرها من أسطورة وخرافة زرادشتية، والزرادشتية هي ديانة فارسية إيرانية قديمة، وفلسفة دينية آسيوية، كانت الدين الرسمي للإمبراطوريات الإخمينية، البرثية، الساسانية قبل 3500 عام، أي قبل ألفي عام من الدين المحمدي الإسلامي.
استمدّ الدين الإسلامي من الزردشتية -التي نشأ على أنقاضها- الكثير من الأساطير، ومن ضمنها قصة الإسراء والمعراج، حيث نجد نفس القصة تماماً في الدين الزرادشتي، رحلة ليلية تمت إلى السماء في كتاب بهلوي قديم اسمه “أردا فيراف”، و”بهلوي” أي يعود للغة البهلوية التي انتشرت قبل الإسلام بحوالي ألف عام.
تصف القصة الزرادشتية رحلةً لنبيٍّ يسمى “أردا فيراف”، كانت روحه قد صعدت إِلى السماء بتوجيهٍ من ملاكٍ اسمه “سَروش”، وانتقل أردا فيراف من مدينة فاضلة ومقدسة إلى مدينة مقدسة ثانية، ثم وصل بعد ذلك إلى عرش “أهورمزدا” الإله العظيم للكون في الدين الزرادشتي، وأراه أهورمزدا الجنة وسعادة السكان فيها، ثم أمره بالعودة إلى الأرض ليخبر الناس بكل ما رآه وسمعه.
وكان أهورامزدا إله الزرادشتيين قد أمر النبي أردا بأن يأخذ إلى أتباعه تعليمات وفروض ووصايا بالصلاة والوضوء وغيرها، وأن يخبرهم بأنها أوامر إلههم أهورامزدا، تماماً كما أوردت القصة الإسلامية عن محمد لاحقاً.
إليكم التشابه حدَّ التطابق بين قصة محمد الإسلامية، وقصة أردا الزرادشتية:
1. حدثت القصتان في رحلة ليلية.
2. انتقل محمد وأردا من مدينة مقدسة إلى مدينة مقدسة ثانية، ثم إلى السماء، وقابل كلٌّ منهما إلهه، ثم عادا إلى الأرض مرة ثانية.
3. أَحضر كُلٌّ منهما أوامر من آلهتهما من السماء، فمحمد أَمر أتباعه بالصلاة خمس مرات في اليوم تنفيذًا لأوامر الله، وكذلك أمر أردا الزرادشتيين بالصلاة خمس مرات في اليوم تنفيذًا لأوامر أهورمزدا.
4. رأى محمد في رحلته في السماء السادسة شجرة السدرة أو السدر، تمامًا كما رأى أردا شجرة في وسط الجنة اسمها (هيومايا).
وهذا التشابه بين الدين الإسلامي والدين الزرادشتي لا يقتصر على قصة الإسراء والمعراج، بل هناك أمور كثيرة، على سبيل المثال:
– القِبلة في الصلاة: كلاهما يحددان اتجاههما وفق علامات في السماء، كالشمس أو القمر.
– الوضوء: وجوب غسل الوجه والأطراف قبل الصلاة، فما يزال الزرادشتيون يقومون بالوضوء قبل الصلاة، كما أن كليهما يُصلّيان خمس مرات في اليوم.
– أداء الفروض: السُّنَّة عند المسلمين، وعند الزرادشتيين تُدعى (ياسنا)، ولا يمكن لهم مخالفتها على الإطلاق في الدين الزرادشتي.
– المحراب أو المشكاة: وهي موجودة في كل مسجد، فهم يعتقدون أنه لا يمكنهم الصلاة إلى أي حائط، بل يتوجب وجود مشكاة ترمز إلى مكة، ويُصلُّون أمامها. تمامًا مثل الزرادشتيين الذين عندهم النار هي الوجهة، لأنهم أيضًا لا يمكنهم الصلاة إلى أي حائط، ويتوجب وجود وجهة يتوجهون إليها.
– غطاء الرأس والحجاب: الذي أمر الله به عند المسلمين، وكان قد أمر به أهورا مازدا من قبل عند الزرادشتيين.
– اللغة الأصلية في الصلاة: كلاهما مطالبان أثناء الصلاة بأن يُصليا باللغة الأصلية التي نزل بها كتابهما، حيث نعرف جميعًا أن المسلمين لا يمكنهم وقت الصلاة أن يُصلّوا القرآن بلغات مترجمة، فتجد المسلم غير العربي يُردّد كالببغاء دون أن يفهم الآيات، أو ينطقها على الأقل بشكل صحيح. فجُلّ همهم أن يُصلّي ويقرأ باللغة العربية التي أُنزِل بها القرآن كما يؤمنون. وكذلك الأمر تمامًا في الديانة الزرادشتية، حيث لا يمكنهم القراءة بأي لغة، ويتوجب عليهم وقت الصلاة تحديدًا أن يقرؤوا (الأفستا – الأبستاق) باللغة الأصلية لديهم، وحسبما يؤمنون فهي اللغة التي نزل بها، وتُعرف بـ “الأفستاقية” أو “الأبستاقية”.
– الدينان يدعوان إلى توحيد الإله: وذلك بسبب تواجد آلهة كثيرة في إيران (فارس)، فكانوا بحاجة لتوحيدها، تمامًا مثل قريش الذين كانوا يؤمنون بتعدد الآلهة الوثنية فوحدوها تحت اسم “الله أكبر”.
هذا الأمر خطِر، لأنه يؤدي إلى عبادة إله آخر وثني قديم (أدعوكم لمشاهدة حلقة “لماذا يرفض المسيحيون التوحيد؟ ماغي خزام:المسيحيين ليسو موحدين”) فالإله الواحد لا يحتاج إلى توحيد، حيث تأتي خطورة معتقد توحيد الآلهة أنك، بهذه الطريقة، تقوم بجمع ضد الإله مع الإله تحت مصطلح “التوحيد”.
إليكم قصة الإسراء والمعراج بين الرواية الزرادشتية والرواية الإسلامية:
كلتا الروايتان يتشابهان حد التطابق، لكن ذهب الباحثون لتصديق الرواية الزرادشتية أكثر من الرواية المحمدية لعدة أسباب:
1. يُقال أن أردا صعد بالروح فقط، وهذا الأمر يمكن للعقل تصديقه واستيعابه اليوم، وربما يكون منطقياً نوعاً ما، لأنه في علم النفس يؤمن البعض بما يُسمى الإسقاط النجمي، (أيضاً أدعودكم لمشاهدة حلقة الإسقاط النجمي مع ماغي خزام)، حيث يمكن في العالم الروحي أن يُؤخَذ إنسانٌ من مكان إلى مكان آخر، وأن يزور عالم مادّي أو روحي أو دولة أخرى، ثم يعود لهذا العالم.
بينما محمد، وفكرة أن يذهب بالجسد وعلى دابّة مجنّحة لكي يخترق ويكسر قانون الجاذبية الأرضية ثم يعود مرّة ثانية، فإنه لأمرٌ بعيدٌ عن التصديق، ولهذا السبب مال الباحثون إلى تصديق القصة الزرادشتية.
2. الأمر الثاني والأهم، هو أن القصة الزرادشتية سبقت الرواية الإسلامية بألفيّ عام، ومن غير المعقول أن تكون الزرادشتية هي من أخذ قصة الإسراء والمعراج من الدين الإسلامي.
3. ثالثاً والأكثر أهمية هو ما حصل مع محمد كما رواه لقومه عن فَرض الصلاة، ووجود تشابه في القصتين، حيث طلب أهورمزدا من أردا أن يصلوا له الزرادشتيين خمس مرات، وكذلك محمد طلب من المسلمين أن يصلوا خمس مرات في اليوم، والاختلاف هو أن رواية محمد أثارت فضول الكثيرين، لأنه عندما عاد وفق ما جاء في رواية البخاري عن مالك بن صعصع، حيث يقول: صعد محمد إلى السماء وتكلم مع الله، وطلب منه أن يصلي له المسلمون خمسين مرة يومياً، وأثناء نزول محمد للأرض التقى بالنبي موسى، فسأله بما أوصاك الله، فأجابه محمد بأن الله أوصاه بأن يصلوا له قومه خمسين مرة في اليوم، فقال له موسى: لن يستطيع قومك فعل ذلك، فأنا جربت قبلك، وبني إسرائيل حاولوا وفشلوا، فطلب موسى من محمد العودة مجدداً إلى الله والطلب منه تخفيض العدد قليلاً، فعاد محمد وفق الرواية الإسلامية التي يقتنع بها المسلمون، وطلب من الله تقليل عدد مرات الصلاة، فاستجاب الله وأنزل العدد إلى 40 ثم 30 ثم 20، ومرةً تلو الأخرى، وفي كل مرة ينزل فيها محمد كان يرى موسى، ويسأله موسى عن العدد، فيطلب من محمد العودة إلى الله ليخفّض العدد، وهكذا قضى محمد الوقت بين موسى والله، كأنه يقوم ببازارٍ (مساومة) لتخفيض عدد الصلوات المفروضة على المسلمين في اليوم، فقد استمر في الصعود والنزول حتى وصل العدد إلى 5 صلوات، وعندما رآه موسى مجدداً سأله: كم أصبح العدد؟ فأجابه محمد: خمسة، فقال له موسى: لن يستطيعوا، فردّ محمد وأجابه بأنه يخجل من العودة والطلب مرّة أخرى.
وأثارت قصة “بازار الصلوات” بين محمد وموسى والله سخرية الكثيرين من الدين الإسلامي، فهي تخالف ما قاله إله المسلمين في القرآن: لا يُكلِف الله نفساً إلّا وسعها، فكيف لم يعرف وِسعَ نفوس عبيده إن كانوا قادرين على الصلاة خمسين مرة أم لا! وهل موسى ومحمد أرحم على البشر من الله ليتواسطوا لديه كي يخفف من عدد الفروض؟
بالإضافة إلى أن البعض يتساءلون: هل الله لا يعلم بالضبط عدد الفروض التي يريدها؟! والبعض ذهب للقول: لماذا يأخذ الله عدد فروضه مثل إله الزرادشتيين “أهورا مازدا”؟!
في النهاية نعود للبدء، فالآن نفهم لِمَ يُصرّ المسلمون على اختلاق قصصٍ وتشابهات بين الدين المسيحي والزرادشتية أو أي دين وثني آخر؟ الجواب: لكي يُخفوا ويُعموا الناس عن هذه الحقيقة، حقيقة التشابه حدّ التطابق بين الدين الإسلامي والدين الزرادشتي.
ولهذا السبب تم القضاء على الزرادشتيين في غزوات إسلامية كثيرة، في محاولةٍ لطمس حقيقةَ أنَّ فروض المسلمين ما هي إلا فروض وثنية قديمة، ولم يبقَ اليوم من الزرادشتيين إلا فئة قليلة لا تتجاوز بضعة آلاف.
أما عن صعود الرب يسوع المسيح إلى السماء فالأمر مختلف تماماً، فالرب يسوع صعد بجسدٍ مُمجَّد بعد القيامة، جسدٌ لا يشبه أجسادنا، ولا يحتاج إلى طعامٍ ولا شرابٍ ولا إلى دابةٍ ليركبها، لا ولم يتلقّى الرب يسوع المسيح أي أوامر، لا من موسى ولا من سواه، لأنه قال: دُفِع إليّ كل شيء من أبي، كل ما في السماوات وما على الأرض.
ونحن نؤمن كما وعدنا، أنّه مثلما صعد بوجود شهود عيان، فإنه سيعود وسنراه جميعنا بنفس الطريقة التي صعد بها على السحاب، سيعود لكن ليس ليعطينا أوامر، بل كديّانٍ للأرض بمن فيها، للبشرية جمعاء، ليدين الأحياء والأموات.
نحن نؤمن بأنه سيعود عن قريب، ونحن له لمنتظرون، لكي يَدين ويَحكمَ، ويُحيي ويميت كل من لم يؤمن به رباً وإلهاً بل آمن بآلهةٍ أُخرى غريبة.
مَن له الحكمة ليفهم، أن المسيح هو الطريق والحق والحياة، وتعرفون الحق والحق يحرركم.
11 /آذار / 2022