الوصيّة الثانية: لا تصنع لك تمثالاً منحوتاً ولا صورة
هل سألت نفسك كمسيحيّ: لماذا لم تسمع وعظة من أي كاهن عن الوصية الثانية من الوصايا العشر؟ ستعرف الجواب هنا.
سفر الخروج 20 (4 لَا تَصْنَعْ لَكَ تِمْثَالًا مَنْحُوتًا، وَلَا صُورَةً مَا مِمَّا فِي ٱلسَّمَاءِ مِنْ فَوْقُ، وَمَا فِي ٱلْأَرْضِ مِنْ تَحْتُ، وَمَا فِي ٱلْمَاءِ مِنْ تَحْتِ ٱلْأَرْضِ. 5 لَا تَسْجُدْ لَهُنَّ وَلَا تَعْبُدْهُنَّ، لِأَنِّي أَنَا ٱلرَّبَّ إِلَهَكَ إِلَهٌ غَيُورٌ، أَفْتَقِدُ ذُنُوبَ ٱلْآبَاءِ فِي ٱلْأَبْنَاءِ فِي ٱلْجِيلِ ٱلثَّالِثِ وَٱلرَّابِعِ مِنْ مُبْغِضِيَّ، 6 وَأَصْنَعُ إِحْسَانًا إِلَى أُلُوفٍ مِنْ مُحِبِّيَّ وَحَافِظِي وَصَايَايَ.) ويؤكد عليها في اللَّاويِّين 19 (4 لَا تَلْتَفِتُوا إِلَى ٱلْأَوْثَانِ، وَآلِهَةً مَسْبُوكَةً لَا تَصْنَعُوا لِأَنْفُسِكُمْ. أَنَا ٱلرَّبُّ إِلَهُكُمْ.).
منذ آدم وعلى امتداد عشرة آلاف عام، لم تستطع البشريَّة العبادة بدون وجود شيءٍ ما للصلاة أمامه، إنَّهم بحاجة لشيءٍ ملموسٍ ومرئيٍّ.
يُخبرنا الكتاب المقدَّس عن ثلاثة أنواعٍ للأوثان:
1. أوثانٍ مجسَّمةٍ
2. أوثانٍ بشريَّةٍ
3. أوثان الذّات أو الشَّهوات
في سفر صموئيل الأوَّل نجد ما حل بالفلسطينيِّين الذين كانوا يتعبدون لِداجون وهو مجسَّم إلهٍ له يدان و ذيل سمكة حين حاولوا وضعه مع تابوت العهد فحصلت لهم ولإلههم كارثةٌ كبيرةٌ. كما نرى في سفر العدد أنَّ بنو إسرائيل عندما تعلَّقوا ببعل فغور، ضربهم الوبأ ومات أكثر من أربع وعشرون ألفاً من بني إسرائيل. لذلك نجد أنبياء الإله في الكتاب المقدس وصولاً إلى تلاميذ ورسل المسيح في العهد الجديد كثيراً ما حوربوا بسبب منعهم النَّاس من عبادة آلهةٍ أُخرى وبسبب محاربتهم للوثنية.
قد يظن المسيحيون الطقسيون أن ركوعهم و تقبيلهم لأيقونات و تماثيل قديسين هو تقديس وليس عبادة و هو تطويب وليس وثنية و لكن اسمحو لي أن أصدمكم بأنكم مخطئون، حيث أن الشيء المصنوع بأيدٍ بشرية أو بمعامل هو مجرد صنم و ما إن صليتَ أمامه أو ركعتَ أمامه أو قبّلته فأنت حوّلته إلى وثن، وبمجرد أنك سلمته حياتك و بدأت تصلي له ليحقق طلباتك فقد أصبحت وثنيّاً تعبد إلهاً مصنوعاً، وتحمل إلهك معك أينما ذهبت و تنظف إلهك كلما اتَّسخ. و ربما البعض يقولون أن الوصية تعني “عدم صنع تمثالٍ لحيوان أو دابّة ما، ولكن للمسيح والعذراء و القديسين وضع آخر” وهنا يجيبنا الكتاب المقدس في سفر التثنية 4 (16 لِئَلَّا تَفْسُدُوا وَتَعْمَلُوا لِأَنْفُسِكُمْ تِمْثَالًا مَنْحُوتًا، صُورَةَ مِثَالٍ مَّا، شِبْهَ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى) وهنا يتحطم أي دفاع عن الوثنية المستترة وراء تقديس القديسين بالسجود لتماثيل و أيقونات .
ولننتبه إلى ما يحذرنا منه الكتاب في شأن مخالفة هذه الوصية في سفر الخروج 20 (5 أَفْتَقِدُ ذُنُوبَ ٱلْآبَاءِ فِي ٱلْأَبْنَاءِ فِي ٱلْجِيلِ ٱلثَّالِثِ وَٱلرَّابِعِ مِنْ مُبْغِضِيَّ) .
دخلت الوثنية للمسيحية مع اعتناق روما للدين المسيحي حيث حافظوا على أوثانهم الرُّومانيّة والسُّجود، لكنَّ الشَّيطان استبدل اسمائها، أي بمعنىً آخر، عوضاً عن “زفس” و”إيزوس” و”إزيس” قاموا بتسميتهم بالقدِّيس “جاورجيوس” أو “الياس” و”اليان”، وجعلوا المسيحيين جيلاً بعد جيلٍ يتوارثون السجود و الصلاة لأوثان دون أن يعرفوا، حيث ينالون ضربات كالتي تأتي على عبيد الأوثان دون أن يعرفوا السبب حيث أن الرَّب الإله يراها سجوداً لآلهةٍ أُخرى لا تكريماً لقدِّيسيه، واسمحو أن أصدمكم أكثر، فَحتَّى الآية التي يتداولها الكهنة في الكنائس الطقسيّة (سبحوا الله في قديسيه) هي مُحرَّفةٌ عن الحقّ الكتابيّ فقط لتضليل الرعية عن العبادة الحق، حيث في الكتاب المقدس في سفر المزامير 150 (1 سَبِّحُوا ٱلْإِلَهَ فِي قُدْسِهِ.) وليس في قديسيه، أيضاً جعل الرب الإله عابد الوثن كمثل الزاني و مضاجع الذكور،كما وَرَدَ في الرِّسالة الأولى إلى كورنثوس 6 (9 أَمْ لَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ ٱلظَّالِمِينَ لَا يَرِثُونَ مَلَكُوتَ ٱلْإِلَهِ؟ لَا تَضِلُّوا: لَا زُنَاةٌ وَلَا عَبَدَةُ أَوْثَانٍ وَلَا فَاسِقُونَ وَلَا مَأْبُونُونَ وَلَا مُضَاجِعُو ذُكُورٍ، 10 وَلَا سَارِقُونَ وَلَا طَمَّاعُونَ وَلَا سِكِّيرُونَ وَلَا شَتَّامُونَ وَلَا خَاطِفُونَ يَرِثُونَ مَلَكُوتَ ٱلْإِلَهِ.) حتى طقوس تحنيط القديسين و تطييب رفاتهم كل مدة أو استخراج جثثهم بحجة تقديسها هي أمور مكروهة في المسيحية حتَّى أنَّ الرَّبَّ قد منعنا من زيارة القبور و نهى الإله الكهنة عن لمس جثث الموتى في ( سفر اللاويين 21 ) أيضاً قال في الإنجيل حسب لوقا 9 (60 دَعِ ٱلْمَوْتَى يَدْفِنُونَ مَوْتَاهُمْ) فلم يزر الرَّبُّ يسوع إلّا قبراً واحداً، وهو قبرُ لعازر ليقول له “هَلُمَّ خَارِجًا!”، أي ليقيمه لا ليطيب جثته كما تتباهى الكنائس بالذَّخائر الموجودة عندهم من القدِّيسين وصولاً للاحتفاظ و السجود عند أصابع قديسين أو أجزاء متبقية من أعضائهم كالممارسات الوثنية تماماً و لو كانت هذه الطقوس مسيحية كنا وجدنا على الأقل لو مرة واحدة في الإنجيل الذي ذكر كل تفاصيل حياة الكنيسة الأولى، حتى رداء بولس الرسول كما في الرَّسالة الثَّانية إلى تيموثاوس 4 (13 لرِّدَاءَ ٱلَّذِي تَرَكْتُهُ فِي تَرُواسَ عِنْدَ كَارْبُسَ، أَحْضِرْهُ مَتَى جِئْتَ) لكان الأَولَى أن تحتفظ الكنيسة الأولى برداء أو عصائب بولس أو قطعة من عظام بطرس، أو كان الأَولَى أن تذكر إليصابات زنَّار العذراء مريم أو أن التلاميذ احتفظوا بكفن المسيح أو جزءاً من خشبة الصليب لو كان لكل هذه الأشياء أي أهمية روحية.
بل إنّ هذه الممارسات مكروهة ومرفوضة إيمانيًا، حيث وصلت الوثنية والهرطقة في الكنائس إلى حدّ تقبيل الأفاعي، كما يحدث في بعض كنائس اليونان، حيث يظنّون أن العذراء ترسل أفاعي صغيرة، فيقومون بوضعها على رؤوس أولادهم وتقبيلها.
طبعاً لا يسعني ذكر جميع الممارسات الوثنية الموجودة في جميع الأديان الأُخرى وإلّا سيتطلب الأمر كتاباً لا مقالاً، من التبرُّك بحجر والحج حوله إلى شرب بول الإبل والتبرك به ..إلخ، كما أنني لن أتطرق إلى عبادة الأشخاص كالرؤساء والفنانين ولا حتى عبادة المال و الذات التي تندرج كلها تحت اسم عريض واحد وهو الوثنية.
هل تود أن تعرف إن كنت وثنيّاً؟ ضع مقياساً لنفسك، راقب نفسك ليومٍ واحدٍ فقط، ما هو أكثر شيء تُفكِّر به؟ ما هو الشَّيء الَّذي تسعى لرضاه؟ ما هو الشَّيء الَّذي تخاف عليه؟ ما هو الشيء الَّذي تُنظِّفه وتلمِّعه وتقف أمامه وتهتم به؟ ما هو الذي تطلب منه لو وقفت أمامه؟ هذا هو إلهك.
في النهاية باب التوبة لم يُغلق بعد، ارم تماثيلك و صورك وكل ما تصلي عنده من مصنوعات أيدٍ خارجاً فهؤلاء ليسو شُفعاءك، أنت كمسيحي لديك شفيعٌ لا تخيب شفاعته، حسب الرِّسالة إلى رومية 8 (26 وَلَكِنَّ ٱلرُّوحَ نَفْسَهُ يَشْفَعُ فِينَا بِأَنَّاتٍ لَا يُنْطَقُ بِهَا.) حيث لا تحتاج لشفاعات منتقلين أو للسجود أمام أشياء مصنوعة. لا تخف من أن ترمي بتماثيلك و أيقوناتك خارج حياتك، إياك أن تظن أن لها قيمة عند الإله أو أنه سيحاسبك، فقد كَسر موسى لوحيّ الشَّريعة المكتوبين بإصبع الرَّبِّ الإله لشدَّة غضبه عندما رآى بني اسرائيل يعبدون عجلاً مصنوعاً (سفر الخروج 19: 32) فهل عاقب الرَّبُّ الإله موسى على فعل هذا؟ هل قال له مثلاً: قد هَزِئتَ بما فعلت يداي؟ من هنا نعلم بأنَّ الأشياء المصنوعة يدويَّاً وبشريَّاً غير مُهمَّة عند الرَّبِّ الإله، حتَّى وإن كانت مصنوعةٌ بيد الرَّبِّ الإله شخصيَّاً ومكتوبةٌ بإصبعه.
علينا الانتباه من ذبائح الأوثان، فمن يسجدون لأوثان يقدمون ذبائحهم لها أيضاً ويمنع علينا تماماً أكل الذَّبيحة الَّتي تُقدَّم أمام مذابحٍ أُخرى سواءً كانت لقدِّيسين أو راقدين أو حتَّى لأديانٍ وآلهة أُخرى، يقول بولس الرَّسول في الرِّسالة الأولى إلى كورنثوس 10 (20 بَلْ إِنَّ مَا يَذْبَحُهُ ٱلْأُمَمُ فَإِنَّمَا يَذْبَحُونَهُ لِلشَّيَاطِينِ، لَا لِلْإِلَهِ. 21 لَا تَقْدِرُونَ أَنْ تَشْرَبُوا كَأْسَ ٱلرَّبِّ وَكَأْسَ شَيَاطِينَ.)
يقول الرَّبُّ الإله بوضوحٍ في الرِّسالة الأولى إلى كورنثوس 10 (14 يَا أَحِبَّائِي ٱهْرُبُوا مِنْ عِبَادَةِ ٱلْأَوْثَانِ.).
18 / آب / 2020