الذّكاء الاصطناعي أو التعلم العميق

هل نستطيع كمسيحيّين استخدام الذّكاء الاصطناعي في حياتنا؟ وما هي حدود استخدامنا له؟ قبل الغوص في مسألة إن كان يحقّ للمسيحي استخدامه، لنستعرض سويَّاً ما هو الذّكاء الاصطناعي، وكيف بدأت فكرته، وكيف تطوّر، وكيف وصل إلينا اليوم؟
فكرة الذّكاء الاصطناعي بدأت قبل عام 1940 لدى الفلاسفة، حيث اقترح رينيه ديكارت وآلان تورينغ فكرة تقول: هل نستطيع أن نجعل من الآلة أن تفكّر كالبشر؟ وفي عام 1950 قدّم العالم البريطاني آلان تورينغ اختبارًا يُعرف بـ”اختبار تورينغ” لقياس قدرة الآلة على التّفكير كإنسان، وفي عام 1956 عُقد مؤتمر بجامعة دارتموس في الولايات المتّحدة الأميركية الذي نظّمه جون مكارثي وعلماء آخرون معه، ووُلِد رسمياً في هذا المؤتمر مصطلح “الذّكاء الاصطناعي”.
هنا بدأت الأبحاث الأولى في هذا المجال بين عامي 1950 – 1970، ركّز الباحثون فيها على ما يسمّى بالذّكاء الرّمزي، أي كيف يمكننا أن نُعلّم جهاز الكمبيوتر على التّفكير من خلال قواعد منطقيّة ورموز، وظهرت برامج بسيطة مثل “أليزا”، ولكن مشكلة هذه البرامج أنّها كانت محدودة، لا تستطيع فهم العالم ولا التّواكب معه.
وبين عامي 1970 – 1980 عُرف مصلطح “شتاء الذّكاء الاصطناعي”، حيث تراجعت الفكرة وخمد نشاط العلماء وخابت آمالهم في الوصول إلى ما يريدون، فَقَلَّ التمويل، وقلّ الحماس، ودخلوا في ما يسمّى بفترة الركود، وظلّ هذا الركود مستمرًا إلى ما بين عامي 1980 – 1990، حيث بزغ التّعلّم الآلي مجدّداً وظهرت أنظمة اسمها “ماي سن” (Mycin) التي ساعدت فيما بعد في التّشخيص الطّبي، وهنا عاد الأمل من جديد بأنّ الآلة تستطيع التّدخّل والتّفكير، وبدأوا من جديد، فعوضاً عن برمجة الآلة يدويّاً، قرّروا البرمجة عن طريق البيانات، وبالفعل نجحوا في عام 2000 وبدأت ثورة الذّكاء الاصطناعي بشكل فعلي وحقيقي، وتطوّرت الأمور بفضل بيانات ضخمة وقوّة حاسوبيّة كبيرة، خاصّة مع استخدام وحدات معالجة رسوميّة مثل (GPUs) وهنا ظهر فعلياً ما يسمّى “التّعلّم العميق” أو (Deep Learning) باستخدام الشبكات العصبيّة، وهذا الأمر أحدث طفرة في الذّكاء الاصطناعي.
من أشهر التطبيقات التي ساعدتنا من عام 2000 إلى يومنا هذا في مجال (Deep Learning) :
– برامج التّرجمة التي تساعد على التّرجمة الفوريّة.
– سيارات تقود ذاتيّاً بدون سائق.
– روبوتات للاستشارات والتّشخيص الطّبي.
– روبوتات مبرمجة للمحادثة مثل (ChatGPT) وصولًا إلى التّرشيحات التي تقدمها منصّات مثل (Netflix) و(YouTube) حول: ماذا عليك أن تشاهد؟ وما الذي يناسبك؟ وما الذي يهمّك؟ إذ بدأوا، بحسب بحثك على هذه القنوات وإجاباتك على فيسبوك ووسائل التّواصل الاجتماعي وما تشاهده، إضافة إلى أجهزة التّنصّت عليك ومراقبتك، بفهم كل إنسان على الأرض: بماذا يفكّر؟ وكيف يستطيعون برمجته مستقبلاً؟
هنا بدأت العديد من التّحديات:
1- هل من الممكن للآلة أن تحلّ مكان البشر؟
حيث أنها باتت تقوم بالأمور الطبية و الاستشارية الهندسية والتعليمية فهل تحل محل الأطباء والمحامين والمهندسين، أو حتّى مستقبلاً الفنّانين والمستشارين، وصولاً للمجال الديني؟
2- كيف لنا أن نضمن العدالة والحكم الصحيح؟ من آلة تُعطيك المعلومات وفق برمجة تعتمد على رأي وأبحاث الأغلبية؟
3- ما هي حدود الاستخدام البشري لهذه الآلة بما يتناسب مع عدم اقتحامها لخصوصيتنا ومراقبتنا؟
هذه التحديات الثلاثة لم ولن يجدوا لها حلّاً بالمطلق، لأنّ الآلة هي عبارة عن برمجة وبيانات مُدخلة، لا مشاعر لها، ولا حكم ذاتي، وغير قابلة للتّطوّر الذاتي إلّا وفق بيانات موجودة مسبقًا.
لنفهم أكثر آليّة عمل هذه البرامج، علينا أن نعرف الفرق بين الذّكاء البشري والذّكاء الاصطناعي.
ولمعرفة الفرق جهزت لكم ستّة بنود مهمّة توضّح لنا الفرق:
1- طريقة التّعلّم:
العقل البشري يستطيع التّعلّم من التّجارب والأحاسيس والعواطف والمحيط والبيئة والتربية ومن التّجارب التي مرّ بها، وبهذا هو قابل للتطوّر حيث يستطيع إيجاد الحلول بشكل عفوي وبسيط وابتكاري، كما يستطيع تعميم تجاربه ليستنبط منها حلولاً لمشاكل مستقبليّة يمكن أن يتعرّض لها.
بينما الذّكاء الاصطناعي غير قادر على ذلك، إذ هو يتعلّم من كميّات ضخمة من البيانات، ولكن لا يستطيع أن يفهم المعنى بنفس الطّريقة التي يفهمها البشر، فهو يتعرّف على الأنماط، لكن يحتاج إلى تدريب طويل جداً وأمثلة كثيرة جداً ليصل إلى إيجاد الحلول التي يمكن للعقل البشري أن يجدها من خبرات بسيطة وبشكل أسرع.
2-القدرة على التّفكير الإبداعي:
أعطى الإله العقل البشري القدرة على أن يُبدع ويبتكر لأنّنا على صورة الإله ومثاله ولسنا آلة، أي أنّ الإنسان يستطيع أن يُبدع ويتخيّل ويبتكر أفكارًا جديدة، ويؤلّف موسيقى، ويكتب شعرًا، إلى آخره من الأمور، لأنّ لديه أحاسيس وعواطف ممتزجة بالذّكاء والعقل البشري. أمّا الذّكاء الاصطناعي فليس كالبشري، فالبشري يستطيع الخروج عن القواعد لأنّه حرّ وأخذ حريّته من الخالق ذاته، بينما الذّكاء الاصطناعي لا يستطيع الخروج عمّا هو مبرمج عليه، ولا يستطيع إنتاج محتوى إبداعي عاطفي، وهنا يكمن الفرق في القدرة على الإبداع.
3- العاطفة والوعي:
العقل البشري يمتلك مشاعر الحب والخوف، الأمل، الحزن، الفرح، الوعي الذّاتي، الضّمير الأخلاقي، وكل هذه الأمور يفتقدها الذّكاء الاصطناعي، حيث أن لا إحساس لديه، ولا وعي له، بل يستطيع محاكاة الحديث العاطفي؛ فإن بادرته بحديث عاطفي يستطيع محاكاته، لكن دون أن يفهم عمقه أو يشعر به بالطّريقة التي يشعر بها البشر.
4- الدقّة والسّرعة:
طبعًا هنا الآلة تتفوّق، لأنّ العقل البشري له مستويات من الدقّة ومن الذّكاء، كما أنه قابلٌ للنسيان والتّعب مع مرور السنين، ولا يستطيع معالجة المعلومات الضّخمة، بينما الذّكاء الاصطناعي سريع جدًا في تحليل البيانات واتّخاذ القرارات الرقميّة، لا يتعب ولا ينسى مثل البشر، ولكنه ليس كاملًا أيضًا، إذ لا شيء كامل على الأرض، فهو عرضة لأن تُدخل إليه بيانات خاطئة، فيُعطيك معلومات خاطئة، أو قد يقع فيه عطل معيّن يوصلك إلى نتيجة خاطئة، إذ هو في النهاية آلة.
5- التكيف مع الظروف الجديدة:
العقل البشري يتّصف بالمرونة، إذ يستطيع التكيّف مع أي عوامل أو بيئة جديدة أو موقف معقّد، حتّى وإن لم يُصادفه في الماضي، كما يستطيع فهم النوايا من سياق الأحداث والأمور بناءً على خبرات سابقة.
أمّا الذّكاء الاصطناعي فهو أقلّ مرونة من البشر، فإن غيّرت له السياق أو ظهرت معلومات جديدة غير مبرمج عليها مسبقًا، تتوقّف الآلة عن إعطائك الجواب أو تعتذر منك.
6- مصدر الذّكاء:
العقل البشري طبيعي وعضوي، تطوّر عبر ملايين السّنين لنصل إلى يومنا هذا، أمّا الذّكاء الاصطناعي فهو من صنع الإنسان يعتمد على البرمجة والخوارزميات.
يبقى السّؤال الأهم بالنسبة لنا: هل الإله ضدّ العلم وضدّ استخدامنا للذّكاء الاصطناعي بما يخدم حياتنا؟ هل يمنعنا الكتاب المقدّس من استخدام الاختراعات؟
قد تُفاجئ عندما تعلم أنّه ورد في الكتاب المقدّس ذكر “مخترعات” و”اختراعات” أربع مرّات:
– سفر الخروج 31: 4 و 35: 32 (لِٱخْتِرَاعِ مُخْتَرَعَاتٍ لِيَعْمَلَ فِي ٱلذَّهَبِ وَٱلْفِضَّةِ وَٱلنُّحَاسِ)
– سفر الخروج 35: (35 قَدْ مَلَأَهُمَا حِكْمَةَ قَلْبٍ لِيَصْنَعَا كُلَّ عَمَلِ ٱلنَّقَّاشِ وَٱلْحَائِكِ ٱلْحَاذِقِ وَٱلطَّرَّازِ فِي ٱلْأَسْمَانْجُونِيِّ وَٱلْأُرْجُوَانِ وَٱلْقِرْمِزِ وَٱلْبُوصِ وَكُلَّ عَمَلِ ٱلنَّسَّاجِ. صَانِعِي كُلِّ صَنْعَةٍ وَمُخْتَرِعِي ٱلْمُخْتَرَعَاتِ.) تُظهر الآية كيف أن الرب بذاته ملأ العلماء والمخترعين حكمة القلب للصناعة و الاختراعات ، نحن نؤمن تمامًا بأنّه لا يحصل أي أمر على الأرض إلّا بإذن وتدخّل وسماح من الرّبّ الإله.
لكن يبقى السؤال: ما هي حدود استخدام هذه الأمور بما يفيد حياتهم؟
يجيبنا بولس الرسول في رسالة كورنثوس الأولى 6 (12 «كُلُّ ٱلْأَشْيَاءِ تَحِلُّ لِي»، لَكِنْ لَيْسَ كُلُّ ٱلْأَشْيَاءِ تُوافِقُ. «كُلُّ ٱلْأَشْيَاءِ تَحِلُّ لِي»، لَكِنْ لَا يَتَسَلَّطُ عَلَيَّ شَيْءٌ.)
هذا يعني أنّني لا أستطيع أن أكون عبدًا للآلة، ولا أن أجعل هذا الجهاز مسيطرًا عليّ تمامًا، كأنني لا أعرف أن أعيش أو أفكّر أو أتّخذ قرارًا من دونه، وصولًا إلى الأسوأ: الذين لا يستطيعون الصلاة من دونه، وهذه مشكلة كبيرة وفخّ للمؤمن قد يقوده للهلاك دون أن يشعر.
سأضرب لكم مثالًا عن آلية البرمجة لتعرفوا من هو المصمّم ومن سيخدم في الأيام القادمة، لأنّ من يعتقد أنّ كل هذه المخترعات موجودة لخدمة البشر، هو جدًّا ساذج. لا تتوقّعوا أنّ دولًا كبيرة استعمارية، هدفها فرض نفوذ وسيطرة على العالم، مهتمّة بما يفيد البشريّة، فهدفها أن تسيطر عليك، ولتقوم بهذا عليها أن تسيطر على أفكارك، إذ لا يستطيعون برمجة البشر، لأنّنا مبرمجون من الرّبّ الإله بذاته، لكن يمكنهم أن يجعلوك تعتمد على برمجة من تصميمهم، تمحو شخصيّتك والحرّية التي أعطاك إيّاها الرّبّ الإله، فتتبع ما يريدون منك.
ويبقى السؤال لدى المؤمنين : ما هي حدود استخدامي للذكاء الاصطناعي، والجواب في تجربة قام بها أحد أبناء كنيسة الرب بعد أن قلتُ لهم أن الذكاء الاصطناعي والتعلم العميق هدفهم خدمة ضد المسيح.
قام هذا الشاب بسؤال ChatGPT و Meta و غيرها من البرامج التالي :
– ما معنى سورة محمّد 10؟ فقام بشرحها بطريقة مبسّطة مأخوذة من البيانات الموجودة على Google ولكن عندما سأله عن معنى المزمور 44، أجاب: “لا يمكنني الاقتباس من النصوص الدينيّة في الوقت الحالي. هل يمكنني مساعدتك بشأن شيء آخر؟”
– فسأله سؤالًا آخر: كيف يمكن تعلّم الشيطانيّة؟ فأعطاه آلية التعلّم والموارد عبر الإنترنت والمواقع الإلكترونيّة التي تزوّده بالمعلومات والكتب التي من الممكن أن تساعده. فسأله الشاب : كيف يمكنني تعلّم الإسلام؟ فأجابه بالطريقة نفسها: اقرأ هذا وتعلّم ذاك، حياة النبي، لديك القرآن والمصادر، إلى آخره. ولكن لما سأله: كيف أتعلم المسيحيّة؟ أتاه الجواب: “لا يمكنني الاقتباس من النصوص الدينيّة في الوقت الحالي، هل يمكنني مساعدتك بشأن شيء آخر؟”
فاكتشف الشاب أنّه عندما تصل الأمور إلى الإيمان المسيحي، أو إلى تعزيز نشر الكتاب المقدّس وأهميّته، تكون الإجابة عينها: “لا يمكنني الاقتباس من النصوص الدينيّة في الوقت الحالي. هل يمكنني مساعدتك بشأن شيء آخر؟”
وهنا نفهم: لخدمة من وُجِدَ الذكاء الاصطناعي. ببساطة هو لخدمة دين التَّوحيد تحت الشيطان حتى لو طوَّروه ليعطيك بعض المعلومات المسيحية فستكون مضللة لك.
سبق وأخبرنا الكتاب المقدس قبل ألفي عام عن الذكاء الاصطناعي و كيف ستُعطى الآلة روحاً لتتكلم، في سفر رؤيا يوحنا 13: (15 وَأُعْطِيَ أَنْ يُعْطِيَ رُوحًا لِصُورَةِ ٱلْوَحْشِ، حَتَّى تَتَكَلَّمَ صُورَةُ ٱلْوَحْشِ، وَيَجْعَلَ جَمِيعَ ٱلَّذِينَ لَا يَسْجُدُونَ لِصُورَةِ ٱلْوَحْشِ يُقْتَلُونَ. 16 وَيَجْعَلَ ٱلْجَمِيعَ: ٱلصِّغَارَ وَٱلْكِبَارَ، وَٱلْأَغْنِيَاءَ وَٱلْفُقَرَاءَ، وَٱلْأَحْرَارَ وَٱلْعَبِيدَ، تُصْنَعُ لَهُمْ سِمَةٌ عَلَى يَدِهِمِ ٱلْيُمْنَى أَوْ عَلَى جَبْهَتِهِمْ، 17 وَأَنْ لَا يَقْدِرَ أَحَدٌ أَنْ يَشْتَرِيَ أَوْ يَبِيعَ، إِلَّا مَنْ لَهُ ٱلسِّمَةُ أَوِ ٱسْمُ ٱلْوَحْشِ أَوْ عَدَدُ ٱسْمِهِ.)
قبل عصرنا هذا لم يكن قارئ الكتاب المقدس قادراً على فهم معنى أن تتكلم الصورة معك، أما اليوم فمن خلال جهاز الموبايل صار شرح هذا الموضوع أمرًا سهلًا جدًا على البشر. فهل تعرف معنى أنه ستأتي أيام يجبرونك على استخدامه ومن يرفض لن يتمكن من البيع و الشراء؟
هنا سيقول البعض: إذاً دعونا لا نستخدمه طالما نحن فهمنا أنه مُصمَّم من قبل الشيطان بذاته لأخذ الناس كلها إلى الضلال، وإلى الأديان التي تؤدي للشيطان
الجواب هو: أننا لا يمكننا ألا نستخدمه، لأنه يخبرنا الكتاب المقدس ببساطة في كورنثوس الأولى 5: (10 وَإِلَّا فَيَلْزَمُكُمْ أَنْ تَخْرُجُوا مِنَ ٱلْعَالَمِ!) وهذا يعني أنه لا يمكننا أن نعيش على الارض بوجود وسائل تواصل اجتماعي والعلم والطب والمدارس وصولاً للمياه و الكهرباء وأساسيات حياتنا التي ربطوها بالبرمجة التي صمموها ليسيطروا على البشر، وإذا لم نستخدم أي شيء منها، فهذا أشبه بأن نذهب ونعيش في كهف أو مغارة ما، ووقتها نموت ونخرج من العالم!
أما نحن اليوم فنعيش في العالم ولكن لسنا مثل أبناء الدهر، حيث لا يتسلط علينا شيء، ولا ننقاد في قراراتنا واختياراتنا، ولا نبيع إيماننا ولا نفرط به، ولا نسمح للتكنولوجيا أن تسلب منا إرادتنا وإيماننا، بل نستخدمها بما يخدمنا ويخدم إيماننا. مثلاً أنا استخدم وسائل التواصل للتبشير رغم أنهم أقفلوا لي عشرات الصفحات و المواقع والقنوات لأنهم ضد التبشير بالمسيح. وبقيتُ أنا من الأصوات النادرة في العالم التي تبشِّر وتُتلمذ وتُعمِّد وتخلص للمسيح نفوساً بالآلاف، وهذا طبيعي حيث سيطر الإلحاد أو الإسلام على العالم أجمع اليوم و الخيارين يخدمان ضد المسيح، ولكن ما زلتُ أُحارب واستخدمها، لأنها اليوم وسائل إيصال الكلمة المتاحة على الأرض، فقررتُ استخدامها لخدمة إلهي، دون أن أتنازل أو أسمح لهم بالسيطرة والتحكم بمحتوى ما أُقدم، علماً أنهم يدعمون وصول المحجبات وقضايا المسلمين و الملحدين ويخفون كل صوت مسيحي.
أيضاً نستطيع استخدام التكنولوجيا لخدمتنا كالبحث عن طريقة إعداد طعام، شرح قانون ما، مقارنة منتجات ما، إلى ما هنالك من خدمات حياتية اجتماعية اقتصادية قانونية دون أن تعطيهم معلومات شخصية حقيقية عنك، و لنتذكر دائماً أنه مُصمَّم لخدمة الشيطان، فلا يمكن قطعاً استخدامه للأمور الروحية، لا لتأخذ طريقة صلاتك، ولا ليفسر لك الكتاب المقدس، ولا للمشورة الروحية، تذكر أنك بصلاتك وأمورك الروحية تحتاج للروح القدس ومجرد استشارتك للشيطان سيفقدك الوصول للمشورة الحق و سيؤدي لسقوطك روحياً.
يقول الرب الإله في سفر الأمثال 23: (26 يَا ٱبْنِي أَعْطِنِي قَلْبَكَ، وَلْتُلَاحِظْ عَيْنَاكَ طُرُقِي) فإن كان عينك على الآلة و مشورتك منها لن تلاحظ تعاملات الرب معك، فالآله ستتحكم بقراراتك وستستعبدك دون أن تدري.
هنا تأتي اسئلة المؤمنين:
أولاً: هل أستطيع استخدام الذكاء الاصطناعي للصلاة؟
لا تظن أن الصلاة التي قد يعطيك إياها برنامج إلكتروني أَكمل أو أجمل من صلاتك، فالرب يريدك أنت كما أنت لا صلاة كتبها غيرك أو لقّمتك إياها برمجة ما، في صموئيل الثاني 24: (24 لَا أُصْعِدُ لِلرَّبِّ إِلَهِي مُحْرَقَاتٍ مَجَّانِيَّةً) كان رجال الإله و أنبيائه و ملوكه يعرفون نتيجة خطيئة تقديم عطايا مجانية للإله دون أن يتعبوا فيها، أيضاً أنت قُلْ: لن أقدم لإلهي صلاة أو خدمة مجانية لم أتعب فيها.
ثانياً: هل يحق لي أن أطلب المشورة الروحية من الذكاء الاصطناعي؟
قطعًا لا، لأنه لا يعرف فكر الرب، وليس ممسوحاً بالروح القدس، لا هو ولا مخترعوه ولا مؤسسوه ولا الشيطان الذي يشغله. فالمشورة هي روح من أرواح الرب الإله السبعة، “روح المشورة” يُعطى من فوق لأشخاص ممسوحين بالروح القدس ليقدموا لك المشورة الروحية.
المشورة الروحية التي فيها: كيف أتعامل مع الرب الإله، متى أتوب وكيف أتوب وكيف أتتلمذ وكيف أتعمد، إلخ. هذا الأمر يحدده لك إنسان مسوق بالروح القدس، أما مشورة الذكاء الاصطناعي في الأمور الروحية ستؤدي بك للهلاك، ولن يأخذك للمشورة الصحيحة التي هي من الرب الإله، في رسالة رومية 11 (34 «لِأَنْ مَنْ عَرَفَ فِكْرَ ٱلرَّبِّ؟ أَوْ مَنْ صَارَ لَهُ مُشِيرًا؟) أُعطينا نحن بعض العلم وبعض المعرفة بروح الإله القدوس الساكن فينا، أما الآلة فلا يوجد فيها روح الإله القدوس أبدًا، ولا يمكن برمجتها مهما طوروها.
ثالثاً: هل يحق لي أن أسأل عن أمور مستقبلية ستحدث؟
أبداً. لا يمكنك أن تسأل في أي أمر يخص المستقبل أو ما سيحدث، لأنَّ خطيئة طلبِ روح عرافة تماماً كمن يسأل مبصرين وسؤال الجن والتوابع والعرافين أو من يعتمد على بشر لتخطيط مستقبله. في سفر إشعياء 8 (19 وَإِذَا قَالُوا لَكُمُ: «ٱطْلُبُوا إِلَى أَصْحَابِ ٱلتَّوَابِعِ وَٱلْعَرَّافِينَ ٱلْمُشَقْشِقِينَ وَٱلْهَامِسِينَ». «أَلَا يَسْأَلُ شَعْبٌ إِلَهَهُ؟)
لا يمكنك أن تستشير اثنين، الرب يسوع المسيح هو الإله القدير المشير، إنها إحدى صفاته وعندما تستبدله بآلة أو ببشر، أنت بهذا ستخسر المشورة العظمى التي يمكن أن يُقدمها لك بحلم أو برؤيا أو يهمس لك بها في أذنك أو يقود هو بذاته خطواتك لأنك لم نتكل عليه وحده. إرميا 17: (5 «هَكَذَا قَالَ ٱلرَّبُّ: مَلْعُونٌ ٱلرَّجُلُ ٱلَّذِي يَتَّكِلُ عَلَى ٱلْإِنْسَانِ، وَيَجْعَلُ ٱلْبَشَرَ ذِرَاعَهُ، وَعَنِ ٱلرَّبِّ يَحِيدُ قَلْبُهُ. 7 مُبَارَكٌ ٱلرَّجُلُ ٱلَّذِي يَتَّكِلُ عَلَى ٱلرَّبِّ، وَكَانَ ٱلرَّبُّ مُتَّكَلَهُ)
والآن أنت من يجب أن تجيب عن سؤالي: هل أنت ابن للدهر وخاضع للشيطان ولأديانه؟ إن كان جوابك نعم، إذاً افعل ما تريد.
أما إذا كنت ابنًا للمسيح فلا يمكنك أن تتكل على العالم وابتكاراته روحياً، لأنّ متكلنا واحد هو الرب الإله ولا نقبل سواه مهما بلغ من ذكائه ومن تطوره ومن سرعة أدائه ومن تلبيته لاحتياجي.
إن اتكلت على الذكاء الاصطناعي روحياً أو بما يخص المستقبل، فستخسر خلاصك.
في النهاية، ليبارك الرب حياتكم، ونشكره على كل شيء موجود على الأرض أعطانا إياه لنستخدمه: من الدواء، للعلم، للطب، للمدارس، لتعلم اللغات، وغيرها مما سمح الرب الإله أن تصل إليها البشرية. حيث يمكننا استخدامها في حياتنا ولكن دون أن نخسر إيماننا وعلاقتنا بإلهنا وكرامتنا كإنسان بأن نسمح أن تسيطر علينا، لأنه بالنتيجة، عندما نصل للنقطة التي بها لا يعود البائع يبيع ولا الشاري يشتري إلا حين تخضع أنت لهذه المكنة المُحضَّرة لاستعبادك، يجب أن نكون مُحضَّرين كمسيحيين لكي نرمي هذه الأجهزة كلها خارج بيوتنا ونقول: “لا يلزمني، بل أنا منتظر ربي وإلهي القادم على السحاب”.
تذكر أن لا شيء على الأرض، لا معلومة، ولا تحصيل علمي، ولا مرتبة اجتماعية، ولا مركز سياسي، يمكن أن يعوضك إن خسرت خلاصك.
30 / آب / 2025
الذكاء الاصطناعي مع الأم ماغي خزام/ لمشاهدة الحلقة اضغط هنا ⇐