الأم ماغي خزام

أول إعلام إنساني شرق أوسطي في أمريكا و العالم

...
Maggie Khozam Articles
الأم ماغي خزام

أفضل تعريف للإدمان هو أنه قيد أو سجن

ماغي-خزام-الإدمان

كم من البشر مقيّدين بأمور مختلفة المخدرات، التدخين، الكحوليات، القمار، التسوق، التكنولوجيا و الألعاب الإلكترونية، شراهة في الأكل أو أن أحدهم مقيّد بإدمان شخص معين.

هناك دراسة أجريت في بريطانيا واكتشفوا من خلالها أن 1 من أصل 3 في العالم مقيد بإدمان معين.

كيف يشعر المدمن؟
بالطبع يمكننا جميعنا أن نعرف ما يحسّه المدمن، لأنه إما أن يكون أحداً منا مدمناً، أو كان مدمناً، أو ضمن دائرته المقربة جداً في عائلته الصغيرة يوجد مدمن، حيث يشعر المدمن وكأنه موجود ضمن سجن، وهناك من أقفل باب هذا السجن عليه ورمى المفتاح بعيداً جداً عنه.
أعرف هذا الشعور جيداً، لأني كنت مدمنة على التدخين، في عام 1997 كانت المرة الأولى في حياتي التي أمسكت سيجارة، وكان عمري آنذاك 15 سنة، حينها كنت أنظر للأمر على أنه تسلية، حيث أن هذا العمر هو عمر إثبات للذات، وما أن بلغت 18 سنة، حتى كانت لي علبة السجائر الخاصة بي وسنة تلو الأخرى، أصبحت أدّخن من علبة إلى علبتين يومياً، وكلما زادت العصبية والتوتر زاد التدخين، أصبت بعدّة أمراض بسبب التدخين منها الربو، وحملت بابني ورغم ذلك لم أقلع عن التدخين، كنت أرفض أي اتهام لي بأني مدمنة وأقنع نفسي بأنني مستمتعة وأنها إرادتي أن أدخن بينما في الحقيقة كنت كالسجين الذي رموا مفتاح سجنه بعيداً فبات لا حول لا قوة فقرر أن يزين سجنه.
هناك سيدة أخبرتني منذ أيام أن حياتها الزوجية مدمرة بالكامل بسبب إدمان زوجها على المشروب ومع ذلك يقول لها أن مشروبه خط أحمر وهو ما يحب، وفي الحقيقة هو سكير يخجل أن يقول لزوجته أنه عبد لزجاجة الكحول.

التخلص من الإدمان:
قبل التخلص من الإدمان علينا أن نشخّص الحالة من جذورها، وندرك أين نحن وكم نحن مقيدون بإدماننا؟ يقول الرسول بولس رومية 7 ( 14 فَإِنَّنَا نَعْلَمُ أَنَّ ٱلنَّامُوسَ رُوحِيٌّ، وَأَمَّا أَنَا فَجَسَدِيٌّ مَبِيعٌ تَحْتَ ٱلْخَطِيَّةِ.) مبيع تعني أنك بعدما كنت كمسيحي ابناً، عدت عبداً واسْتُعبِدت لإله آخر.
يُحدِث الإدمان انفصاماً عند المدمن يعبر عنه الرسول بولس بآيات في غاية الدقة، يقول في رومية 7 (15 لِأَنِّي لَسْتُ أَعْرِفُ مَا أَنَا أَفْعَلُهُ، إِذْ لَسْتُ أَفْعَلُ مَا أُرِيدُهُ، بَلْ مَا أُبْغِضُهُ فَإِيَّاهُ أَفْعَلُ.)
( 18 فَإِنِّي أَعْلَمُ أَنَّهُ لَيْسَ سَاكِنٌ فِيَّ، أَيْ فِي جَسَدِي، شَيْءٌ صَالِحٌ. لِأَنَّ ٱلْإِرَادَةَ حَاضِرَةٌ عِنْدِي، وَأَمَّا أَنْ أَفْعَلَ ٱلْحُسْنَى فَلَسْتُ أَجِدُ. 19 لِأَنِّي لَسْتُ أَفْعَلُ ٱلصَّالِحَ ٱلَّذِي أُرِيدُهُ، بَلِ ٱلشَّرَّ ٱلَّذِي لَسْتُ أُرِيدُهُ فَإِيَّاهُ أَفْعَلُ.) (22 فَإِنِّي أُسَرُّ بِنَامُوسِ ٱللهِ بِحَسَبِ ٱلْإِنْسَانِ ٱلْبَاطِنِ.23 وَلَكِنِّي أَرَى نَامُوسًا آخَرَ فِي أَعْضَائِي يُحَارِبُ نَامُوسَ ذِهْنِي، وَيَسْبِينِي إِلَى نَامُوسِ ٱلْخَطِيَّةِ ٱلْكَائِنِ فِي أَعْضَائِي.) ويكمل القول بطريقة رائعة جداً : (24 وَيْحِي أَنَا ٱلْإِنْسَانُ ٱلشَّقِيُّ! مَنْ يُنْقِذُنِي مِنْ جَسَدِ هَذَا ٱلْمَوْتِ؟).
هذا تماماً حال المدمن، فالمدمن يعرف الوصايا كما يعرف كلام ربنا، ويعرف ما جاء في كورنثوس الأولى 6 (12 كُلُّ ٱلْأَشْيَاءِ تَحِلُّ لِي»، لَكِنْ لَيْسَ كُلُّ ٱلْأَشْيَاءِ تُوافِقُ. «كُلُّ ٱلْأَشْيَاءِ تَحِلُّ لِي»، لَكِنْ لَا يَتَسَلَّطُ عَلَيَّ شَيْءٌ.)، يعرف أن الأفلام الإباحية تسلّط، والحشيش والمخدرات أيضاً تسلط، يعرف أنه عبدٌ لأمر يكرّره وغير قادر على التخلص منه، يعرف كل ذلك ولكنه يفعله لأنه أصبح عبداً لسيد الخطيئة.
هذا ما علينا معرفته لنفهم أن الإدمان ليس مجرّد طبع، عادة، تقليد، بل له سيّد، له جذور روحية وتسلط شيطاني على هذا المدمن، يقول الكتاب في رومية 6 ( 16 أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ ٱلَّذِي تُقَدِّمُونَ ذَوَاتِكُمْ لَهُ عَبِيدًا لِلطَّاعَةِ، أَنْتُمْ عَبِيدٌ لِلَّذِي تُطِيعُونَهُ).
حقيقةً لا أذكر كيف تركت التدخين و ما الذي جعلني أقلع عنه عام 2017، كل ما أتذكره أنه وبعد 17 سنة من الإدمان، استولت على عقلي فكرة واحدة ولم تفارقني لأيام، وهي الآية التالية: كورنثوس الاولى 6 (12 كُلُّ ٱلْأَشْيَاءِ تَحِلُّ لِي»، لَكِنْ لَيْسَ كُلُّ ٱلْأَشْيَاءِ تُوافِقُ.) كلمة لا توافق أو لا تليق.. دمرتني، أحسست بنفسي أنني لا أليق أن أكون عروساً للمسيح، لا أليق أن يسكن فيني الروح القدس، لا أليق أن يشتغل في حياتي الرب، هذه الفكرة أرعبتني، علماً أن الرب لم يتركني حتى في أيام إدماني، ولكن يبدو أننا حين ننمو بالروح يجب أن يُرَوَّض الجسد بطريقة من الطرق.

علاج الإدمان:
يعالج أغلب المدمنين أنفسهم بطرق جسدية، عن طريق جلسات، مستشارين، أطباء، أدوية وعقاقير… الخ من الأمور التي يفشل %90 منها لأن قفل السجن ما زال بلا مفتاح، من الممكن أن تأتي حرية مؤقتة، وعودة لنكسة إدمان أسوأ مما كان.
هناك ثلاثة أمور علينا وضعها نصب أعيننا كمسيحيين ونحن في طريقنا للعلاج من الإدمان، أما إن كنت غير مسيحي فأنت بحفرة أعمق بكثير، لأن المسيحي لديه على الأقل المعمودية وعليه الروح القدس، لديه حماية بدم المسيح، لديه ما يستره أمام عرش النعمة.

ثلاثة أمور يجب أن نعرفها لعلاجنا:
1-‏ عندما تذهب للعلاج عند طبيب أو في مركز للإدمان، فأنت تعلن عن اسمك وإدمانك، وقد يسألونك أيضاً عن الإدمان في عائلتك.
أما مع الرب فالأمر مختلف، فربنا لا يهمه اسمك، ولا يهمه نسبك ولا عائلتك ولا تاريخك، هناك أمر واحد فقط مهم عند الرب، وهو أن ابناً / ابنة للرب مقيّدٌ وبحاجة إلى تحرير.
فأول خطوة عليك أن تعرف مدى أهميتك عند الرب.
2- هناك وصفة فعالة للتخلص من الإدمان ثابر عليها: إقرأ رسالة الرسول بولس إلى أهل رومية الإصحاحات 6 – 7 – 8 اعتبر هذه الإصحاحات كوصفة طبية علاجية ( دواء حقيقي ) حتى لو لم تفهمها، هل تفهم كل الوصفات الطبية التي يصرفها لك الصيدلاني؟ هل تفهم التركيبة الدوائية للأدوية التي تتناولها؟ حكماً لا وكذلك اعتبر هذه الإصحاحات وصفة تثق بفاعليتها لو لم تفهمها.

رومية الإصحاح 6 يشرح لك كيف أنت مستعبد للخطيئة؟
الإصحاح 7 يشخص نوع التسلط الذي عليك تماماً
أما الإصحاح 8 فيعطيك وصفة تحريرك، ويخبرك كيف يتم الخلاص، وأين هو مفتاح سجنك وبيد من؟
يقول في رومية 7: ( 25 أَشْكُرُ ٱللهَ بِيَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ رَبِّنَا! إِذًا أَنَا نَفْسِي بِذِهْنِي أَخْدِمُ نَامُوسَ ٱللهِ، وَلَكِنْ بِٱلْجَسَدِ نَامُوسَ ٱلْخَطِيَّةِ.) فالخلاص والتحرير ليس متاحاً إلا بشخص يدعى يسوع المسيح، فعندما تسمّر على الصليب، سمّر الخطيئة، سمّر اللعنة، سمّر القيد، سمّر التسلط الشيطاني، سمّر كل احتياج وأعطانا بقيامته أن نقوم معه، أعطانا الحرية فيه.
رومية 6: ( 5 لِأَنَّهُ إِنْ كُنَّا قَدْ صِرْنَا مُتَّحِدِينَ مَعَهُ بِشِبْهِ مَوْتِهِ، نَصِيرُ أَيْضًا بِقِيَامَتِهِ.).
فالمعمودية تعني أننا نموت مع المسيح وندفن العتيق ( عبد الخطايا ) ونولد إنساناً جديداً يستحق أن يُدعى ابناً رومية 6: ( 6 عَالِمِينَ هَذَا: أَنَّ إِنْسَانَنَا ٱلْعَتِيقَ قَدْ صُلِبَ مَعَهُ لِيُبْطَلَ جَسَدُ ٱلْخَطِيَّةِ، كَيْ لَا نَعُودَ نُسْتَعْبَدُ أَيْضًا لِلْخَطِيَّةِ.).
وهذا لا يعني أن كل إنسان يقرأ رومية 6 – 7 – 8 حتى لو كان غير مسيحي سوف يتحرر من عبودية الإدمان، لأن الكتاب المقدس فيه كلمة الرب الحيّة الفعالة، فيه الحقّ، ولكن ليحرّرنا هذا الحق، علينا أن نؤمن بمن لديه المفتاح.
على سبيل المثال إن كنت مسجوناً، و شخصاً ما دفع كفالتك، فهل تستطيع أن تخرج فوراً؟ بالطبع لا فعليك أن توقّع بعض الأوراق ويتم أخذ الإذن بإخلاء سبيلك، وتتعهد ببعض الأمور، والأهم أن تقبل بالكفالة؟ وبعدها تخرج.
ذات المثال في قراءة الكتاب المقدس فالثمن مدفوع مسبقاً، ولكن هل آمنت بمن فداك؟ وهل قبلت الفداء؟

عدد لا حصر له من الآيات في الكتاب المقدس تخبرنا عن الحرية التي أعدّها لنا الرب الإله بيسوع المسيح، لوقا 4: ( 18 وَأُرْسِلَ ٱلْمُنْسَحِقِينَ فِي ٱلْحُرِّيَّةِ،)، يوحنا 8 ( 36 فَإِنْ حَرَّرَكُمْ ٱلِٱبْنُ فَبِالْحَقِيقَةِ تَكُونُونَ أَحْرَارًا.)، ما معنى ( بالحقيقة ) أحراراً؟ هي الفرق بين الكفالة المدفوعة، وبين أنك صرت خارجاً، فالابن هو الوحيد القادر على تحريرك بالحقيقة، يقول في رومية 6: ( 3 كُلَّ مَنِ ٱعْتَمَدَ لِيَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ ٱعْتَمَدْنَا لِمَوْتِهِ، 4 فَدُفِنَّا مَعَهُ بِٱلْمَعْمُودِيَّةِ لِلْمَوْتِ، حَتَّى كَمَا أُقِيمَ ٱلْمَسِيحُ مِنَ ٱلْأَمْوَاتِ، بِمَجْدِ ٱلْآبِ، هَكَذَا نَسْلُكُ نَحْنُ أَيْضًا فِي جِدَّةِ ٱلْحَيَاةِ؟ )
فإذا اتحدنا معه بشبه موته، سيكون لنا قيامة معه أيضاً، فأنت الموجود اليوم في قبر أو سجن، هل أنت قادر على أن تموت مع المسيح لتنال القيامة والإنسان الجديد.
يقول الرسول بولس في كورنثوس الأولى 6: ( 9 أمْ لَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ ٱلظَّالِمِينَ لَا يَرِثُونَ مَلَكُوتَ ٱللهِ؟ لَا تَضِلُّوا: لَا زُنَاةٌ وَلَا عَبَدَةُ أَوْثَانٍ وَلَا فَاسِقُونَ وَلَا مَأْبُونُونَ وَلَا مُضَاجِعُو ذُكُورٍ، 10 وَلَا سَارِقُونَ وَلَا طَمَّاعُونَ وَلَا سِكِّيرُونَ وَلَا شَتَّامُونَ وَلَا خَاطِفُونَ يَرِثُونَ مَلَكُوتَ ٱللهِ.)،
ويتكلم أيضاً عن استعباد مطلق للخطايا ومن ضمنها الإدمان حيث يقول لهم: ( 11 وَهَكَذَا كَانَ أُنَاسٌ مِنْكُمْ . لَكِنِ ٱغْتَسَلْتُمْ، بَلْ تَقَدَّسْتُمْ، بَلْ تَبَرَّرْتُمْ بِٱسْمِ ٱلرَّبِّ يَسُوعَ وَبِرُوحِ إِلَهِنَا.)
و هنا نفهم أنه مع المسيح، ليس عليك أن تغسل نفسك من خطاياك فهو تولّى هذا الأمر.

إلجأ لمحررك و قل له: اغسلني يا رب، بدل محاولاتك الفاشلة لغسيل نفسك وتحرير نفسك بنفسك كامرأة عجوز تركت الغسالة الآلية (الأوتوماتيك) وما زالت تود الغسيل بيدها!
(لَكِنِ ٱغْتَسَلْتُمْ، بَلْ تَقَدَّسْتُمْ، بَلْ تَبَرَّرْتُمْ بِٱسْمِ ٱلرَّبِّ يَسُوعَ وَبِرُوحِ إِلَهِنَا.)
3- روح إلهنا، فنحن لا نستطيع لمس عمل الروح القدس فينا، وقلّة هم من يسمعون صوت الروح القدس، ولكن هذا لا يعني أن الروح لا يعمل، يقول الكتاب في رومية 8 ( 26 وَكَذَلِكَ ٱلرُّوحُ أَيْضًا يُعِينُ ضَعَفَاتِنَا، لِأَنَّنَا لَسْنَا نَعْلَمُ مَا نُصَلِّي لِأَجْلِهِ كَمَا يَنْبَغِي. وَلَكِنَّ ٱلرُّوحَ نَفْسَهُ يَشْفَعُ فِينَا بِأَنَّاتٍ لَا يُنْطَقُ بِهَا.) فنحن لا نعرف دائماً أن نصلي لأنفسنا، أو نلجأ للرب بالطريقة اللائقة لكن الروح القدس فينا يعرف كيف يشفع عنا خير من ألف شفيع.

لا تخف من اللجوء للرب لعلاجك فلا يوجد في العالم من هو أحنّ عليك منه، أيوب 5 ( 18 لِأَنَّهُ هُوَ يَجْرَحُ وَيَعْصِبُ. يَسْحَقُ وَيَدَاهُ تَشْفِيَانِ.)
يقول الكتاب في كورنثوس الأولى 11: ( 31 لِأَنَّنَا لَوْ كُنَّا حَكَمْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا لَمَا حُكِمَ عَلَيْنَا.)
تذكر دائماً أنه لم يكن يركض أحد خلف الرب يسوع ويقول له اشفيني، خلصني، يا سيد ارحمني، إلا ونال طلبه.
فاليوم اتخذ قرارك واصرخ من سجنك، ثق أن من معه المفتاح قريبٌ جداً منك، يسمع حتى أنفاسك، ويرى كل دمعة من دموعك، ارفع صوتك واصرخ قبل فوات الأوان، اصرخ مع داود في المزمور 51 وقل له: ( 2 ٱغْسِلْنِي كَثِيرًا مِنْ إِثْمِي، وَمِنْ خَطِيَّتِي طَهِّرْنِي.)
اصرخ بدموع و قل: اغسلني فأنا لا أعرف كيف أغسل نفسي، حاولت ولم أفلح، أعجزت أهلي والأطباء، أخذوني لمشافي، أعطوني عقاقير، ولكن فشلنا، اغسلني أنت يا رب.
من ظلمتك اصرخ للنور، فالمسيح نور العالم واقف على باب قلبك يقرع فلا تتأخر بفتح الباب
ولنردد مزمور 119: ( 133 ثَبِّتْ خُطُوَاتِي فِي كَلِمَتِكَ، وَلَا يَتَسَلَّطْ عَلَيَّ إِثْمٌ.) آمين.

15 / أيلول / 2021

الإدمان مع ماغي خزام