حقيقة فكرة القضاء والقدر
انقسمت الأديان والأفكار حول القدر إلى أربع تيارات:
1- تيار آمن بالقضاء والقدر، وأن الخالق عالم بالغيب وهو حدّد لكل إنسان قبل أن يولد كيف سيكون شكله وولادته وعائلته، أمراضه وأعماله، وصولاً إلى وفاته، وكله مدوّن عنده مسبقاً، لكن هذا الفكر يعتبر تجديفاً، فإن كان الإله قد كتب لي كل أمر في حياتي وأعمالي قبل أن أولد، فلماذا سيحاسبني على الأعمال التي كتبها لي مسبقاً ؟!
2- التيار الثاني جاء كنقيض تماماً، حيث يقول أن الإله لا يعرف شيئاً، ونحن على الأرض مجرد صدفة كونية، والأحداث التي تجري على الأرض أيضاً مجرد صدف، وكل إنسان ينال بحسب كيفية مواجهته لهذه الصدف. لكن هذا أيضاً يعدّ تجديفاً، لأنه إذا كان الإله لا يعرف كل أمر عن مخلوقاتهُ فكيف سيكون إلهاً؟!
3- التيار الثالث حاول أن يكون وسطياً، قائلاً إن علم الله المسبق بالأمور لا يعني أن يتدخل بأعمالك، وإذا كان الرب الإله يعرف ماذا ستفعل، فإن ذلك لا يعني أنه يجبرك على فعله. لكن اعتبر كلام اتباع هذا التيار مجرد هراء، لأنك بقولك أن علم الله المسبق يعرف أعمالي فهذا يعني أنني مسيّر بعلم الله المسبق، ومن بدء وجودي على الأرض وضع لي بعلمه المسبق طريقاً لأسير فيه، فكيف لي أن أرفض وأواجه قدرته بطريقة من الطرق؟ وحينها كيف سيكون إلهاً إذا وضع لي خطط حياتي وأنا خالفته بها؟!
4- التيار الرابع يقول أتباعه أن الإنسان مسيّر ببعض الأمور ومخيّر في أخرى، فالرب الإله تركه مخيّراً بأعماله الصالحة وأعماله السيئة التي سيُحاسَب عليها، وسيّره بأخرى مثل الأهل، الولادة، لون العيون، الطول.. الخ، لكن أيضاً جاء العلم ونسف كل هذه الادعاءات التي ادعوها، لأن الإنسان مخيّر في كل شيء، يستطيع أن يغيّر جنسه، لون عيونه، يتحكم بعدد الأجنة، وكذلك تتحكم المرأة بجنس الجنين الذي تريد ولادته، وبالوطن الذي تود أن تنجبه فيه، وأصحاب هذا المبدأ الذين حاولوا المواربة بهذهِ الطريقة لم يكونوا يعيشوا في عصرنا اليوم، ولم يتوقعوا أن يصل العلم لدرجة أن يتمكن الإنسان من تغيير حتى لون عينيه.
ما هي الحقيقة إذاً؟
هل يوجد قضاء وقدر ونحن مسيّرون بكل شيء ومجرد لعبة يلعب بها إله خلق كل ذلك وسيّرنا جميعنا بكتب محفوظة لديه، ولا أحد يعلم بها سواه، ودورنا ينحصر بتنفيذ هذه اللعبة، وسوف نُحاسَب على شيء مكتوب لنا سلفاً؟ أو أنه تركنا مخيرين بالمطلق ولا يعرف؟ وهنا سنقع بجدلية ثانية، فكيف تعبد ربّاً لا يعرف، وكيف لا يعرف وهو رب؟
سيحل هذه الجدلية الكتاب المقدس بالتأكيد، حيث لا يوجد على الإطلاق في الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد أي ذكر لكلمة القدر ، القدر مصطلح إسلامي (القضاء والقدر)، لا يؤمن فيه اليهود ولا المسيحيون، ففي القرآن بسورة الصافات 96 (والله خلقكم وما تعملون) ويتفاخر الإسلام بهذه الآية كما آيات كثيرة تدّل أن الله يعرف ماذا سنفعل، ولنفس الفخر الذي لديهم وتميزهم عن اليهودية والمسيحية بأن إلههم مقدِّر لكل شيء، وقعوا بفخ هذا الافتخار، فبسبب القضاء والقدر يترك آلاف المسلمين الإسلام سنوياً، متسائلين عن سبب حساب إلههم لهم إذا كان كل شيء مكتوباً سلفاً، ، فهذا غير عادل.
ليس الإسلام هو الدين الوحيد على الأرض الذي يؤمن بالقضاء والقدر، فقد سبقته أديان وثنية كثيرة، ففي الأساطير البابلية الآشورية القديمة كان لديهم الانوناكي (Anunnaki) الإله الذي كان يقرر مصير البشرية، أيضاً في الأساطير اليونانية القديمة، تجد ما يسمى مويراي (Moirai) وتعني القدر، حيث تشاهد صورة لآلهة تقوم بغزل حياة البشر على الأرض، وفي الأساطير الرومانية يسمى القدر بارسي، ويسمى في الأساطير الاسكندنافية نورنس ( Norns) وما زال الهندوس إلى هذا اليوم يؤمنوا بفكرة أن الآلهة هي التي تنسج الحياة والقدر والأعمال للناس، فنستنتج أن الفكر الإسلامي مأخوذ من أساطير وثنية قديمة بخصوص القضاء والقدر.
دليل ثانٍ على موضوع فساد وبطلان هذه العقيدة: حين تبحث في الدين الإسلامي حول موضوع القضاء والقدر، ترى أن الإيمان به هو ركن من أركان الإسلام الستة، وممنوع على المسلم أن لا يؤمن بالقضاء والقدر حتى إن لم يكن مقتنعاً، ولديهم 6000 منهج إسلامي يتشاجرون فيما بينهم حول هذا الموضوع ( القدرية، الجبرية، المرجئة، الغلاة، الأشاعرة، الماتريدية،.. الخ ) وكل مدرسة منهم تعتمد على آيات من القرآن وتقوم بتكفير الأخرى.
فعدم وجود معتقد واحد في نفس الدين، يجعل هذه العقيدة غير صالحة لاتباعها، خاصة أن شيوخ المسلمين يمنعون أتباعهم عن النقاش بالقضاء والقدر ويعتبرون من يخالفهم خارجاً عن الدين الإسلامي.
القضاء والقدر في الإيمان المسيحي:
لا يوجد في الكتاب المقدس ما يؤيد فكرة القدر فالقدر المكتوب يجعلك مسيراً بينما الايمان المسيحي يؤمن أن الانسان مخيراً، ابتداءً من آدم، حين قال له الرب الإله: من جميع شجر الجنة تأكل، إلا شجرة معرفة الخير والشرّ، ترك له الخيار ليختار، فإن كان الرب الإله يعرف مسبقاً أن آدم سيعصاه ويأكل من الشجرة ويسقط، فهذا يعني أن آدم المسكين كان ضحية لعبة معدة مسبقاً له وطبعاً حاشا للرب الإله عن هذا الفكر .
أيضاً نؤمن أن الشيطان كان ملاكاً قبل سقوطه، و فكر ان الرب الإله كان يعرف مسبقاً أن الشيطان سيسقط ورغم ذلك خلقه، يعني أن الله كان يقصد أن يخلق الشر. وهذا التفكير يخالف أن الإله هو الخير المطلق، فالحقيقة الكتابية تقول أنه أعطى للملائكة حرية الإرادة فاختار ثلث الملائكة السقوط في الخطية. أعطانا الرب الإله في الكتاب المقدس كيف أنك تحصد نتيجة ما تزرع، أمثال 22: (8 ٱلزَّارِعُ إِثْمًا يَحْصُدُ بَلِيَّةً )، رومية 13 (3 ٱفْعَلِ ٱلصَّلَاحَ فَيَكُونَ لَكَ مَدْحٌ مِنْهُ)، أمثال 6: (32 أَمَّا ٱلزَّانِي بِٱمْرَأَةٍ فَعَدِيمُ ٱلْعَقْلِ. ٱلْمُهْلِكُ نَفْسَهُ هُوَ يَفْعَلُهُ.)، وبالتالي ما يحصل معك ليس مسيّراً ولا مكتوباً سلفاً، إنما نتيجةً لأعمالك على الأرض التي أنت مخيّر فيها بالمُطلق.
أيضاً يقول الكتاب المقدس أن الحمقى هم الذين يؤمنون بفكرة القدر حيث يعملون ولكن يرمون عيوب عملهم على الرب الإله، أمثال 19: (3 حَمَاقَةُ ٱلرَّجُلِ تُعَوِّجُ طَرِيقَهُ، وَعَلَى ٱلرَّبِّ يَحْنَقُ قَلْبُهُ) أيضاً غلاطية 6 (7 لَا تَضِلُّوا! ٱللهُ لَا يُشْمَخُ عَلَيْهِ. فَإِنَّ ٱلَّذِي يَزْرَعُهُ ٱلْإِنْسَانُ إِيَّاهُ يَحْصُدُ أَيْضًا) وهذا يعني أننا عندما يأتي الحساب لن نُحاسَب على ما كتبه لنا ولا وفق علمه المسبق بأعمالنا، وإنما سنُحاسَب على أعمالنا تماماً، وهذه الآية تختصر نفي اكذوبة القضاء والقدر.
ولكن هل جعلنا مخيرين ينفي علم الاله بالغيب ؟ بالطبع لا و سأوضح كيف يعلم الإله المستقبل مع ترك الخيار لنا :
الحياة على الأرض مثل المتاهة ( الصورة المرفقة ) ، ندخل من الباب ( الولادة ) ، ليكون أمامنا أبواب كتيرة ( طرق وخيارات كثيرة ) ، نحن على مفارق طرق متكررة و نجهل الطريق ونختار طرقنا ، أما الرب الإله فهو صانع وجابل وخالق هذه المتاهة بمن فيها، يعرف تماماً أبوابها و الخيارات التي يقودنا إليها كل باب، ونهاية كل خيار، فنحن في كل تفاصيل حياتنا منذ زمن طفولتنا، إلى وفاتنا مخيرين، فأنت مخير بدراستك و عملك وزواجك وحتى طريقة الوفاة باتوا يختارونها في بعض الدول، وبالتالي فالإنسان مُخيّر بالمُطلق.
أنت من تختار أن تعصى أو تنفذ أوامر الرب الإله، يمكنك أن تتبع الوصايا أو تخالفها، اقرأ الآية في التثنية 30 التي تؤكد فكرة المتاهة، حيث يقول الرب الإله لشعبه: (19 أُشْهِدُ عَلَيْكُمُ ٱلْيَوْمَ ٱلسَّمَاءَ وَٱلْأَرْضَ. قَدْ جَعَلْتُ قُدَّامَكَ ٱلْحَيَاةَ وَٱلْمَوْتَ. ٱلْبَرَكَةَ وَٱللَّعْنَةَ. فَٱخْتَرِ ٱلْحَيَاةَ لِكَيْ تَحْيَا أَنْتَ وَنَسْلُكَ)
أيضاً حادثة تسليم يهوذا، مكتوب في العهد القديم أن هناك شخص سيأتي ويسلم المسيح، فيأتي من يتساءل: إذا كان مكتوباً ذلك فما هو ذنب يهوذا بهذا الأمر؟
نبوءات الإله عن أحداث لابد أن تحصل، ولكنه لم يكتب أن يهوذا من سيسلمه، يهوذا هو الذي اختار أن تأتي عليه اللعنة.
مكتوب أيضاً في سفر الرؤيا أن في نهاية الأيام هناك أناس سيُختَم على جباههم، وهناك أناس سوف تُضرب بضربات وبأوجاع، ولكن لم يُكتَب من هم فأنت اليوم من يختار : هل تريد أن تكون من المختومين، أو أن تكون من الذين سيعبدون الوحش المذكور في سفر الرؤيا ، حيث سيوحّدون كل الأديان تحت دين واحد وسوف يسجد البشر لإله هذا الدين الذي هو الشيطان، فأنت تعرف الآن أن هذا هو المكتوب لأحداث نهاية العالم ولكن انت من تختار دين توحيد الأديان بحجة احلال السلام العالمي، واختيارك هذا سيجعلك مستحقاً للعنات والضربات المكتوبة لأتباع هذا الدين.
نفهم هذا الأمر وفق فيلبي 3 (18 لِأَنَّ كَثِيرِينَ يَسِيرُونَ مِمَّنْ كُنْتُ أَذْكُرُهُمْ لَكُمْ مِرَارًا، وَٱلْآنَ أَذْكُرُهُمْ أَيْضًا بَاكِيًا، وَهُمْ أَعْدَاءُ صَلِيبِ ٱلْمَسِيحِ، 19 ٱلَّذِينَ نِهَايَتُهُمُ ٱلْهَلَاكُ، ٱلَّذِينَ إِلَهُهُمْ بَطْنُهُمْ وَمَجْدُهُمْ فِي خِزْيِهِمِ، ٱلَّذِينَ يَفْتَكِرُونَ فِي ٱلْأَرْضِيَّاتِ)، فالنبوءة تقول أن أعداء صليب المسيح نهايتهم الهلاك الأبدي، لكن بكل بساطة يمكنك ألّا تكون منهم.
وردني سؤال عن بطرس، حيث قال له المسيح: قبل أن يصيح الديك مرتين سوف تنكرني ثلاثة مرات، هل هذا يعني أن بطرس كان مسيّراً وفق المكتوب؟
تلقى بطرس حكماً ( أمراً إلهياً ) بما سيحدث كأن يقول القاضي لمتهم : ستلقى هذه الليلة في السجن، لن يستطيع أحد تغيير هذا الحكم الا بكفالة. فأحكام و أوامر الرب ستتحقق إلا في حال صلينا وأوقفناها ، وهنا المفاجأة الثانية، هل يستطيع أحداً أن يوقف أوامر الرب الإله؟ نعم، فالكتاب المقدس يقول أننا نستطيع. قال الرب يسوع لبطرس: ستنكرني، ولكن كان يستطيع أن يغير مجرى الأحداث لو صلى وتاب، حيث يعلمنا الكتاب المقدس في أخبار الثاني 32 (25 وَلَكِنْ لَمْ يَرُدَّ حَزَقِيَّا حَسْبَمَا أُنْعِمَ عَلَيْهِ لِأَنَّ قَلْبَهُ ٱرْتَفَعَ، فَكَانَ غَضَبٌ عَلَيْهِ وَعَلَى يَهُوذَا وَأُورُشَلِيمَ.) ثم تأتي الآية التي تليها مباشرةً ( 26ثُمَّ تَوَاضَعَ حَزَقِيَّا بِسَبَبِ ٱرْتِفَاعِ قَلْبِهِ هُوَ وَسُكَّانُ أُورُشَلِيمَ، فَلَمْ يَأْتِ عَلَيْهِمْ غَضَبُ ٱلرَّبِّ فِي أَيَّامِ حَزَقِيَّا)
لقد أوقف الغضب لأنه تواضع وغيّر وصلّى فتغّير القرار، وهذهِ ليست القصة الوحيدة في الكتاب، ففي إشعياء 38، أعطى الرب الإله بذاته أمراً حين مرض حزقيا مرضاً للموت، فأرسل له نبياً اسمه إشعياء، ( 1فِي تِلْكَ ٱلْأَيَّامِ مَرِضَ حَزَقِيَّا لِلْمَوْتِ، فَجَاءَ إِلَيْهِ إِشَعْيَاءُ بْنُ آمُوصَ ٱلنَّبِيُّ وَقَالَ لَهُ: «هَكَذَا يَقُولُ ٱلرَّبُّ: أَوْصِ بَيْتَكَ لِأَنَّكَ تَمُوتُ وَلَا تَعِيشُ».). ولكن بعد أن خرج إشعياء ركع حزقيال عند فراش موته ووجهه للحائط، وصلّى وبكى بكاءً عظيماً، فعاد وأرسل الرب الإله إشعياء مرة ثانية، (5 ٱذْهَبْ وَقُلْ لِحَزَقِيَّا: هَكَذَا يَقُولُ ٱلرَّبُّ إِلَهُ دَاوُدَ أَبِيكَ: قَدْ سَمِعْتُ صَلَاتَكَ. قَدْ رَأَيْتُ دُمُوعَكَ. هَأَنَذَا أُضِيفُ إِلَى أَيَّامِكَ خَمْسَ عَشَرَةَ سَنَةً)، فالرب الإله ذاته الذي أمر بموته تراجع وأضاف له خمسة عشر سنة ليعيشها زيادة، لأنه رأى دموعه وسمع صلاته، فأين من هذا كله المُسيّر والمكتوب، وأين علم الله المسبق؟
إن علم الله المسبق – وفق فكر المتاهة الذي أقدمه لكم – يعرف كل التفاصيل والأبواب، كما يعلم أين يؤدي كل باب من هذه الأبواب، يعرف قلوبنا وماذا يمكن أن نفعل، ويعرف أيضاً أفكارنا سواء أكانت شريرة أو خيّرة، وأين سنذهب في كل طريق نسلكه، فإذا دخلت من باب وسلكت في طريق فيه بحيرة نار، يقولُ لك ربنا أنك ستحترق، وإن احترقت فذلك ليس بسبب تسييره لك، إنما لأنك دخلت من الباب الذي يعرف هو نهايته.
إن ارتكبت فعل الزنا، الزاني موعود بالفقر، فإن اخترت الزنا فأنت من حكم على نفسه بنتيجتها أو ان دخلت باب القتل والقاتل يُقتَل، فستحصد نتيجة خيارك.
أيضاً قصة يونان وأهل نينوى، نلاحظ حين أرسل الرب الإله يونان إلى أهل نينوى، هرب يونان وابتلعه حوت، ولكن حين ندم يونان وصلّى من جوف الحوت، خرج.
فذهب إلى أهل نينوى وقال لهم: ستبادون بعد أربعين يوماً ، فرجعوا جميعهم للرب الإله، لبسوا المسوح، صاموا وصلّوا، وصوّموا معهم حتى حيواناتهم، فغفر الرب لهم ، ولم تتم نبوءة دانيال عليهم. وهنا نجد أيضاً أن أهل نينوى غيروا حكم الاله عليهم بتوبتهم. أيضاً في رسالة يعقوب 1 يخبرنا الرب الإله بوضوح: ( 13لَا يَقُلْ أَحَدٌ إِذَا جُرِّبَ: «إِنِّي أُجَرَّبُ مِنْ قِبَلِ ٱللهِ»، لِأَنَّ ٱللهَ غَيْرُ مُجَرَّبٍ بِٱلشُّرُورِ، وَهُوَ لَا يُجَرِّبُ أَحَدًا. 14 وَلَكِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يُجَرَّبُ إذا انجَذَبَ و انْخَدَعَ مِنْ شَهوَتِه. ) و هنا نفهم أكثر أن الانسان مخير بالمطلق، و أن مقولة أن الله يبتليك بالشرور ليجربك ماهي إلا افتراء على الإله لأن المجرب بالشرور هو الشيطان.
ادعوكم لمتابعة حلقة مفاتيح البركات مع ماغي خزام، حيث منحنا الإله مفاتيح البركات على الأرض، مفتاح للرزق، مفتاح للصحة، مفتاح لإنجاب الأطفال، مفتاح لطول العمر، فان حققنا شروط الحصول على المفاتيح، سننالها. أمثلة الكتاب المقدس لا عدّ و لا حصر لها و كلها تؤيد فكرة ان الانسان مخير بالمطلق و تنفي فكرة القضاء و القدر.
كان يمكن للعذراء أن تقول أنا أمة للرب و تقبل بشارة الملاك أو أن ترفض، وكان يمكن لبطرس أن يذهب إلى كرنيليوس أو يرفض الذهاب، كان يمكن لحنانيا أن يُعمّد شاول أو يرفض، مثلما هنالك أنبياء وملوك كثيرون في العهد القديم رفضوا و عصوا الإله، ومثلما يوجد بين تلاميذ المسيح يهوذا الذي تعامل معه ربنا تماماً مثلما تعامل مع جميع التلاميذ، غسل أرجله مثلهم، وأكل معه على مائدته مثلهم، وأعطاه قوة ليذهب ويطرد شياطين ويشفي تماماً مثلهم، ولم يميزه عنهم، وسلمه صندوق الكنيسة فوقها، لكنه اختار أن يكون ابناً للعنة والهلاك.
فانتبه أيها الإنسان وبغض النظر ما هو دينك وطائفتك، إذا كنت تعبد المقدّر سلفاً لك، والذي يعرف ماذا ستعمل قبل أن تعمل، وهو الذي قدر لك هذه الاعمال و كتب لك أن تعملها ، وهو الذي يبتليك بالشرور على هذه الأرض ليُجربك، مع العلم أنه يُفتَرَض أنه يعرف مسبقاً فلماذا يجرّب إن كان يعرفك مسبقاً، انتبه لأنك تعبد ضد الإله، أي أن صومك وصلواتك وتعبك على الأرض لتنال الجنة سيذهب هباءً، لأن عبادتك هي أصلاً للشيطان الذي خدعك وقال لك أن اسمه الله.
في الختام نصلي دائماً ونقول: أشكرك يا رب لأنك جعلتني مُخيّراً، لم تجعلني مُسيّراً، ولم تسيرني في علمك المسبق بالأمور، أعطيتني صورتك ومثالك، أعطيتني أن أكون ابنا حرّ الإرادة، لأستحق أن أكون وارثاً بالملكوت معك، بأعمال أنا اخترتها، وبتبعيتي لك التي أنا فضّلتُها.
أصلّي وأقول لك: أنا المُخيّر، سيّرني وفق مشيئتك. عندما نصلي كل يوم: لتكن مشيئتك, نعرف تماماًً أن مشيئة ربنا هي الأكمل والأفضل لنا، فإن اختيارنا مشيئة ربنا، تعني أن يتمجد في حياتنا، وأن يختار لنا طرقنا، ويفتح لنا الأبواب الأفضل لنا. بركة الرب معكم دائماً.
14 / آب / 2021