يرمز الخمر والقمح والزيت إلى البركة
في القدم اعتمد البشر على المحاصيل الزراعية والمنتجات الحيوانية كوسيلة للعيش، وعندما كان الرب يريد مباركة شعبٍ ما، كان يبارك قمحهم وخمرهم وزيتهم، فتكون الكروم مباركةََ، فالخمر في الكتاب المقدس وتحديداً في العهد القديم كان يعني البركات التي تفيض على الناس.
عندما بارك إسحاق ابنه يعقوب بارك أرضه بأن تفيض بالحنطة والخمر، التكوين 27: (28 فَلْيُعْطِكَ ٱللهُ مِنْ نَدَى ٱلسَّمَاءِ وَمِنْ دَسَمِ ٱلْأَرْضِ. وَكَثْرَةَ حِنْطَةٍ وَخَمْرٍ.)
أيضاََ بركة موسى لبني إسرائيل في التثنية 7: (13 وَيُحِبُّكَ وَيُبَارِكُكَ وَيُكَثِّرُكَ وَيُبَارِكُ ثَمَرَةَ بَطْنِكَ وَثَمَرَةَ أَرْضِكَ: قَمْحَكَ وَخَمْرَكَ وَزَيْتَكَ وَنِتَاجَ بَقَرِكَ وَإِنَاثَ غَنَمِكَ، عَلَى ٱلْأَرْضِ ٱلَّتِي أَقْسَمَ لِآبَائِكَ أَنَّهُ يُعْطِيكَ إِيَّاهَا.)
وإلى يومنا هذا نجد بأن الإنسان الذي يستطيع أن يحضر الخمر ليشربه، هو الإنسان الذي أعطاه الرب الاكتفاء والبركة، ولا ننسى أنه يجب التمييّز بين الخمر الذي هو النبيذ (العنب) وبين المُسكِرات.
يقولُ موسى لمن لا يطيع الوصايا في التثنية 28: (39 كُرُومًا تَغْرِسُ وَتَشْتَغِلُ، وَخَمْرًا لَا تَشْرَبُ وَلَا تَجْنِي، لِأَنَّ ٱلدُّودَ يَأْكُلُهَا.)
فإذا غضب الرب على الإنسان، لا يعطيه حقله كروماً تكفيه والدود يأكلها، فلا يجني منها خمراََ كي يشرب.
_ في صفنيا 1: 13 نلاحظ أن واحدة من عقوبات الرب على شعب ما هو انقطاع الخمر من أرضهم (فَتَكُونُ ثَرْوَتُهُمْ غَنِيمَةً وَبُيُوتُهُمْ خَرَابًا، وَيَبْنُونَ بُيُوتًا وَلَا يَسْكُنُونَهَا، وَيَغْرِسُونَ كُرُومًا وَلَا يَشْرَبُونَ خَمْرَهَا.)
_ ذُكِر الخمر من ضمن التقدمات التي قُدمت لهيكل الرب في العهد القديم، حيث يوجد أكثر من 20 آية عن طريقة تقدمة العشور والتقدمات، الرفائع والتكفير عن الخطايا، في الخروج 29: (37 سَبْعَةَ أَيَّامٍ تُكَفِّرُ عَلَى ٱلْمَذْبَحِ وَتُقَدِّسُهُ، فَيَكُونُ ٱلْمَذْبَحُ قُدْسَ أَقْدَاسٍ. كُلُّ مَا مَسَّ ٱلْمَذْبَحَ يَكُونُ مُقَدَّسًا. 38 «وَهَذَا مَا تُقَدِّمُهُ عَلَى ٱلْمَذْبَحِ: خَرُوفَانِ حَوْلِيَّانِ كُلَّ يَوْمٍ دَائِمًا. 39 ٱلْخَرُوفُ ٱلْوَاحِدُ تُقَدِّمُهُ صَبَاحًا، وَٱلْخَرُوفُ ٱلثَّانِي تُقَدِّمُهُ فِي ٱلْعَشِيَّةِ 40 وَعُشْرٌ مِنْ دَقِيقٍ مَلْتُوتٍ بِرُبْعِ ٱلْهِينِ مِنْ زَيْتِ ٱلرَّضِّ، وَسَكِيبٌ رُبْعُ ٱلْهِينِ مِنَ ٱلْخَمْرِ لِلْخَرُوفِ ٱلْوَاحِدِ.)
العدد 15: (10 وَخَمْرًا تُقَرِّبُ لِلسَّكِيبِ نِصْفَ ٱلْهِينِ وَقُودَ رَائِحَةِ سَرُورٍ لِلرَّبِّ.)
وعلى مدار أيام ملوك إسرائيل الذين ارتضوا عبادة الرب الإله، كان يتواجد الخمر والقمح والزيت دائماً في خزائنهم لتقدمتها إلى هيكل الرب.
لا يمكن أن يكون الخمر محرّماً وهو من الأمور التي يبارك بها الرب الشعب، والكتاب المقدس واضحٌ جداََ، لم يقل يبارك القمح والزيت والعنب، بل ذكر الخمر في جميع الآيات.
وفي الجامعة 9 دليل آخر على بركة الرب للخمر: (7 اِذْهَبْ كُلْ خُبْزَكَ بِفَرَحٍ، وَٱشْرَبْ خَمْرَكَ بِقَلْبٍ طَيِّبٍ، لِأَنَّ ٱللهَ مُنْذُ زَمَانٍ قَدْ رَضِيَ عَمَلَكَ.)
الفرق بين الخمر والمسكر:
فرّق الكتاب المقدس بين الخمر والمُسكِر بطريقة واضحة حيث أنه حلّل الخمر ولكن حرّم المسكر والإدمان على الخمر:
_ (الأمثال 23: 30 لِلَّذِينَ يُدْمِنُونَ ٱلْخَمْرَ، ٱلَّذِينَ يَدْخُلُونَ فِي طَلَبِ ٱلشَّرَابِ ٱلْمَمْزُوجِ.)
_ (الأمثال 23: 20 لَا تَكُنْ بَيْنَ شِرِّيبِي ٱلْخَمْرِ، بَيْنَ ٱلْمُتْلِفِينَ أَجْسَادَهُمْ)، هنا ذُكِر شرّيبي الخمر وليس شاربي الخمر، والشريب تعني الكثير الشرب الذي يتخذه عادة يومية (الإدمان).
_ (الرسالة الأولى إلى تيموثاوس 3: 3 غَيْرَ مُدْمِنِ ٱلْخَمْرِ، وَلَا ضَرَّابٍ، وَلَا طَامِعٍ بِٱلرِّبْحِ ٱلْقَبِيحِ، بَلْ حَلِيمًا، غَيْرَ مُخَاصِمٍ، وَلَا مُحِبٍّ لِلْمَالِ.)
_ (رسالة بولس الرسول إلى تيطس 2: 3 كَذَلِكَ ٱلْعَجَائِزُ: فِي سِيرَةٍ تَلِيقُ بِٱلْقَدَاسَةِ، غَيْرَ ثَالِبَاتٍ، غَيْرَ مُسْتَعْبَدَاتٍ لِلْخَمْرِ ٱلْكَثِيرِ، مُعَلِّمَاتٍ ٱلصَّلَاحَ)
_ (رسالة بطرس الرسول الأولى 4: 3 لِأَنَّ زَمَانَ ٱلْحَيَاةِ ٱلَّذِي مَضَى يَكْفِينَا لِنَكُونَ قَدْ عَمِلْنَا إِرَادَةَ ٱلْأُمَمِ، سَالِكِينَ فِي ٱلدَّعَارَةِ وَٱلشَّهَوَاتِ، وَإِدْمَانِ ٱلْخَمْرِ، وَٱلْبَطَرِ، وَٱلْمُنَادَمَاتِ، وَعِبَادَةِ ٱلْأَوْثَانِ ٱلْمُحَرَّمَةِ.) حيث وجه الرسول بطرس كلامه للشعوب التي اعتنقت المسيحية وطلب منهم الابتعاد عن بعض الأمور ومنها إدمان الخمر.
_ (أفسس 5: 18 وَلَا تَسْكَرُوا بِٱلْخَمْرِ ٱلَّذِي فِيهِ ٱلْخَلَاعَةُ، بَلِ ٱمْتَلِئُوا بِٱلرُّوح.)
_ بالنسبة لرجال الدين، (تيموثاوس الأولى 3: 8 كَذَلِكَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ ٱلشَّمَامِسَةُ ذَوِي وَقَارٍ، لَا ذَوِي لِسَانَيْنِ، غَيْرَ مُولَعِينَ بِٱلْخَمْرِ ٱلْكَثِيرِ)، أيضاََ (رسالة بولس الرسول إلى تيطس 1: 7 لِأَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ ٱلْأُسْقُفُ: بِلَا لَوْمٍ كَوَكِيلِ ٱللهِ، غَيْرَ مُعْجِبٍ بِنَفْسِهِ، وَلَا غَضُوبٍ، وَلَا مُدْمِنِ ٱلْخَمْرِ، وَلَا ضَرَّابٍ، وَلَا طَامِعٍ فِي ٱلرِّبْحِ ٱلْقَبِيح.)
يؤكد الكتاب المقدس مجدداََ على تحريم الإدمان على الخمر وليس شرب الخمر، وينطبق على رجال الدين ما ينطبق على عامة الشعب.
فإذاً آيات الكتاب المقدس تحرّم السُكر وإدمان الخمر، وليس شرب الخمر.
المحرّمات حول الخمر في المسيحية:
1- السكر والإدمان.
2- الشرب أثناء الصلاة: (اللاويين 10: 9 «خَمْرًا وَمُسْكِرًا لَا تَشْرَبْ أَنْتَ وَبَنُوكَ مَعَكَ عِنْدَ دُخُولِكُمْ إِلَى خَيْمَةِ ٱلِٱجْتِمَاعِ لِكَيْ لَا تَمُوتُوا. فَرْضًا دَهْرِيًّا فِي أَجْيَالِكُمْ.)
3- عند الملوك وعظماء الأمة عند اتخاذ القرارات: (الأمثال 31: 4 لَيْسَ لِلْمُلُوكِ يَا لَمُوئِيلُ، لَيْسَ لِلْمُلُوكِ أَنْ يَشْرَبُوا خَمْرًا، وَلَا لِلْعُظَمَاءِ ٱلْمُسْكِرُ)
4- النذير: (العدد 6: 3 فَعَنِ ٱلْخَمْرِ وَٱلْمُسْكِرِ يَفْتَرِزُ، وَلَا يَشْرَبْ خَلَّ ٱلْخَمْرِ وَلَا خَلَّ ٱلْمُسْكِرِ، وَلَا يَشْرَبْ مِنْ نَقِيعِ ٱلْعِنَبِ، وَلَا يَأْكُلْ عِنَبًا رَطْبًا وَلَا يَابِسًا.)
كما مُنع على الحبلى بنذير شرب الخمر، فعندما كلّم الملاك والدة شمشون أثناء حملها حذّرها لئلا تشرب الخمر لأنها كانت حبلى بنذيرٍ للرب، في (القضاة 13: 4 وَٱلْآنَ فَٱحْذَرِي وَلَا تَشْرَبِي خَمْرًا وَلَا مُسْكِرًا، وَلَا تَأْكُلِي شَيْئًا نَجِسًا.)
الفرق بين الخمر والمُسكر (الشراب الممزوج):
الخمر هو عصير العنب المعتق حصراً أما المسكر فتختلف آلية صنعه، وإليكم بعض المشروبات وطرق صنعها كي نميز الفرق:
• الفودكا: تصنع من البطاطا، الشعير، الخميرة والماء.
• التاكيلا: تصنع من نبات الأكاف التاكيلا الأزرق ويضاف لها الماء والخميرة، تتراوح نسبة الكحول فيها بين 35 – 55 %.
• البيرة: تصنع من الشعير، القمح، الشوفان، وتخلط بالماء والخميرة.
• الويسكي: تصنع من تخمير الحبوب، ويضاف لها الماء والخميرة وبعض المنكهات.
• العرق: مشروب كحولي مشهور في لبنان وسوريا، وهو عبارة عن مشروب يصنع بعد تقطير العنب، كما يصنع من التين والتمر، يضاف له السكر للتحلية أو اليانسون بحسب كل بلد.
أمّا الخمر (النبيذ) فهو المشروب الوحيد الذي لا يضاف له أي إضافات، ولا يخلط مع شيء آخر، وهو غير مُسكِر إن لم يتم شربه بإفراط.
كما يدخل الخمر في صناعة بعض الأدوية (مثل دواء السعلة، دواء المعدة).
ونجد بولس الرسول يخبرنا قبل 2000 سنة بفوائد الخمر في بعض الحالات المرضية (تيموثاوس الأولى 5: 23 لَا تَكُنْ فِي مَا بَعْدُ شَرَّابَ مَاءٍ، بَلِ ٱسْتَعْمِلْ خَمْرًا قَلِيلًا مِنْ أَجْلِ مَعِدَتِكَ وَأَسْقَامِكَ ٱلْكَثِيرَةِ.) حيث كان الخمر يستخدم لآلام المعدة وتطهير الجروح وأمور أخرى.
ماذا نرد على من يظن أن الخمر نجس أو رجس؟
نجد الرد الرائع في (رومية 14: 14 إِنِّي عَالِمٌ وَمُتَيَقِّنٌ فِي ٱلرَّبِّ يَسُوعَ أَنْ لَيْسَ شَيْءٌ نَجِسًا بِذَاتِهِ، إِلَّا مَنْ يَحْسِبُ شَيْئًا نَجِسًا، فَلَهُ هُوَ نَجِسٌ.)
في النهاية وفي إجابة مباشرة حاسمة عن سؤال: هل الخمر محرم؟
الجواب هو بالطبع لا.
(كولوسي 2: 16 فَلَا يَحْكُمْ عَلَيْكُمْ أَحَدٌ فِي أَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ، أَوْ مِنْ جِهَةِ عِيدٍ أَوْ هِلَالٍ أَوْ سَبْتٍ)
فالمسيحيون أبناء الرب أحرارٌ بالمسيح، لا يجب السماح لأحدٌ بتقييدهم.
كورنثوس الأولى 6: (12 «كُلُّ ٱلْأَشْيَاءِ تَحِلُّ لِي»، لَكِنْ لَيْسَ كُلُّ ٱلْأَشْيَاءِ تُوافِقُ. «كُلُّ ٱلْأَشْيَاءِ تَحِلُّ لِي»، لَكِنْ لَا يَتَسَلَّطُ عَلَيَّ شَيْءٌ.)
كل شيء يحلّ لنا، لكن يبقى المعيار لدى ابن الرب في وضع حدود، ومعرفة ما يليق فعله وما لا يليق كونه ابنٌ للرب.
(تيطس 1: 15 كُلُّ شَيْءٍ طَاهِرٌ لِلطَّاهِرِينَ، وَأَمَّا لِلنَّجِسِينَ وَغَيْرِ ٱلْمُؤْمِنِينَ فَلَيْسَ شَيْءٌ طَاهِرًا، بَلْ قَدْ تَنَجَّسَ ذِهْنُهُمْ أَيْضًا وَضَمِيرُهُمْ.)
هذا الرد الصريح حول الحلال والحرام فيما يخص المأكولات والمشروبات وغيرها في المسيحية، لا يوجد شيء نجس بذاته، إن كنت نجساََ ترى الخمر نجساََ، فأنت نجس لأن داخلك نجس حتى لو شربت الماء فقط.
أمّا أبناء الرب الذين سكن فيهم الروح القدس أيّ روح الرب، فلا شيء ينجسهم أبداََ مهما شربوا أو أكلوا.
10 / أيلول / 2019